رحيل نجم كروي من السويداء اصطدم حلمه بالواسطة والمحسوبيات .!

اعتاد أهالي منطقة شهبا، في ثمانينيات القرن الماضي، على مشاهدة شاب أسمر يجري بين بلدة شقا ومدينة شهبا بشكل شبه يومي، قاطعاً مسافة 18 كم ذهاباً وأياباً، لممارسة هوايته في كرة القدم التي لمع نجمه فيها، لكنه اصطدم بواقع مأساوي في سوريا “فقر، محسوبيات، واسطة”.

الكابتن وسام أبو يحيى، نعاه العشرات من رفاقه على وسائل التواصل الاجتماعي بعد وفاته امس الاثنين 9/9/2019، عن عمر ناهز 53 عاماً، ينحدر من بلدة شقا شمال شرقي السويداء، وفي بحث للسويداء 24 عن قصته، تبين أنه بدأ مسيرته الكروية من الحارات الشعبية، ودوريات المدارس عام 1981، حيث لفتت موهبته اهتمام رئيس نادي شهبا، وضمه إلى النادي.

وفي عام 1984، بلغ عمر أبو يحيى 18 عاماً، وانتقل إلى رجال نادي العربي، أبرز أندية السويداء الكروية، وسجل هدفين في أول مبارة له مع النادي، ثم ساهم مع رفاقه بصعود نادي العربي إلى دوري الدرجة الممتازة، للمرة الأولى في تاريخ نادي العربي، فترك بصمة تاريخية للنادي.

لكن نادي العربي حينها لم يستمر في دوري الدرجة الممتازة، وبسبب الظروف الاقتصادية السيئة لأبو يحيى، وغياب الدعم اللازم للرياضة في سوريا بشكل عام، ترك كرة القدم وسافر إلى ليبيا للعمل بعيداً عن هوايته، فالرياضة في سوريا لا تجني الأرباح إلا للمسؤولين وأبنائهم.

وفي ليبيا راقبه كشافة الأندية الرياضة وهو يلعب مع شبان صغار في قرية نائية، ما دفع نادي الشعلة الليبي الذي كان يلعب في الدرجة الثانية لضمه والاستفادة من خبراته، لمدة سنتين، أصبح خلالها نجم النادي ومحبوب جماهيره، وبعد تجربته في ليبيا عاد ليكمل مشزاره القاسي في سوريا.

بعد فترة من عودته إلى سوريا، استدعاه نادي العربي للمشاركة في مبارة ودية مع منتخب شباب سوريا الذي كان متأهلاً لنهائيات كأس العالم للشباب حينها، وقد لفتت نجومية أبو يحيى في تلك المباراة، أنظار رئيس الاتحاد السوري لكرة القدم العميد فاروق بوظو، الذي طلبه للمشاركة مع المنتخب.

“لكن المحسوبيات والواسطة كانت أكبر من حلمي”، عبارة قالها أبو يحيى لمواقع صحفية، في إشارة إلى أن انضمامه للمنتخب السوري لم يكتمل، نظراً للمحسوبيات المنتشرة بشكل واسع في مختلف القطاعات بسوريا، فحتى كرة القدم الموصوفة بلعبة الفقراء، احتكرها المسؤولون، مثلما احتكروا البلد بأكملها.

انتقل أبو يحيى إلى نادي الصفاء اللبناني، ولعب خمسة مواسم متتالية في الدوري الكروي بلبنان، فكان من أبرز اللاعبين الأجانب بتميزه، حتى أنه لقب حينها “رود خوليت العرب”، تشبيهاً له من محبيه بلاعب هولندي شهير في تلك الفترة، وكان نادي جبلة أخر الفرق التي لعب لها قبل اعتزاله الكرة.

وتلخص قصة أبو يحيى الواقع المأساوي لكرة القدم في سوريا، والرياضة بشكل عام، فكانت ممارسات السياسيين حاجزاً أمام طموح السوريين، فمن منا لا ينسى، قصة الفارس عدنان قصار الذي سجن لمدة 21 عاماً دون أي ذنب اقترفه، سوا أنه تجرأ وتفوق على باسل الاسد في تسعينيات القرن الماضي .!