فيلم أنزور يستفز أبناء السويداء، الدراما السورية “بنت السلطة” لم تنصف الجبل يوماً .!

أثار نقد كاتبة سورية لفيلم دم النخل من إنتاج نجدة أنزور، وما وصفته بالهفوات الطائفية، من خلال تساؤلها عن سبب جعل الجندي الجبان الوحيد في الفيلم، من أبناء محافظة السويداء، موجة استياء واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي من الفيلم خصوصاً، والدراما السورية عموماً.

لكن الدراما السورية أو كما يصفها بعض النقاد “بنت السلطة”، لم تخرج يوماً عن الخطوط الحمراء للسلطة، فلا يوجد عمل درامي في سوريا إلا وخرج بموافقة وتعديلات وإملاءات من مكاتب المخابرات، التي تمثل الشكل الحقيقي للسلطة، ولم تكن السويداء وحدها مهمشة، فالدراما السورية ينصب جل اهتمامها على الشام وحلب، في تجاهل لبقية المحافظات والمكونات السورية.

حالة الاستياء التي شعر بها أبناء السويداء، لم يكن الفيلم سبباً وحيداً لها، لطالما شعرت شريحة واسعة من أبناء الجبل بتهميش لتاريخهم وحاضرهم خلال العقود الماضية، سواء في الدراما السورية، أو بمختلف المجالات الاقتصادية والسياسية، لأسباب عديدة يطول شرحها، وتختلف وجهات النظر حولها، بعدما كان لابناء الجبل دور ريادي في المراحل الحساسة من تاريخ سوريا.

الشعور بالتهميش لدى أبناء المحافظة، ترسخ في عقول الكثير منهم، مما شكل شعوراً دائماً لديهم بالمظلومية، فمنذ سبعينيات القرن الماضي، لم يصل ضابط من أبناء المحافظة في الجيش إلى رتبة لواء، سوى قلة قليلة، ولم تحصل المحافظة على منصب مسؤول في الحقائب الحكومية المتعاقبة، في ظل الحكم المطلق وسيطرة فئة معينة على جميع مفاصل البلد.

وكان تعاطي الدراما السورية مع مجتمع السويداء، محط استياء دائم لأبناء الجبل، مع العلم أن الدراما من أكثر الوسائل المؤثرة في وصف المجتمعات وتوثيق تاريخها، لكن في سوريا لم تتناول الدراما مجتمع السويداء حتى اليوم، إلا بأعمال ساخرة وناقدة، مبتعدة عن انتاج أعمال تحاكي الجانب المشرق الذي يفتخر به الكثير من أبناء الجبل.

لكن المفارقة التي زادت من حالة الاستياء في المحافظة، أن كاتبة الفيلم ديانا كمال الدين تنحدر من محافظة السويداء ولكونها من هذا المجتمع، فمن الطبيعي أن تكون على دراية بحساسيته وحالة التهميش التي يشعر بها، لكن الكاتبة ردت في بيان مطول على وسائل التواصل الاجتماعي، أن الأمر لم يكن مقصوداً، والجندي الذي مثل الدور هو من أبناء محافظة السويداء، وتحدث بعفوية في الفيلم.

فيلم دم النخيل الذي عرض للمرة الأولى في دار الأوبرا بدمشق، بحضور الرئيس بشار الأسد، ندد به المئات من أبناء المحافظة على وسائل التواصل، رغم أنهم لم يشاهدوه حتى اليوم، لكن انتقاد الكاتبة سناء صباغ لبعض جوانب الفيلم، ووقوعه بالهفوات الطائفية على حد تعبيرها، أشعل الغضب لدى الكثير من أبناء المحافظة.

ورغم أن فيلم دم النخل ليس متاحاً للعرض على العامة حتى اليوم، لكن النقد الذي قدمته الكاتبة سناء الصباغ عن الفيلم ووصفها احد جوانبه بالطائفية والعنصرية، من خلال تقصد إظهار ابن السويداء على أنه شخص جبان في أرض المعركة على حد تعبيرها، أثار استياء واسع في أوساط المحافظة، ما دفع مخرج الفيلم لتأجيل عرضه، وإجراء تعديلات عليه.

وبعيداً عن تحميل المسؤوليات وجلد الغير، يرى مراقبون أن الكثير من المقتدرين مادياً ورؤوس الأموال من أبناء الجبل، وخصوصاً العاملين في مجال الانتاج، هم اول المقصرين بحق مجتمعهم، إذ أن غياب روح المبادرة لديهم بالعمل على انتاج أو دعم أعمال وثائقية ودرامية تتطرق للنواحي الإيجابية والمشرقة للجبل، يعد مشكلة بحد ذاتها، سوى بعض المحاولات الفردية.

بجميع الحالات، إن تحيز العمل الدرامي الذي يحاكي مرحلة معينة لأي طرف، يبعد عنه الصبغة الوثائقية، فسنوات الحرب الماضية في سوريا، تحتاج إلى نظرة موضوعية ومهنية تبتعد عن لهجة التعميم، أو التمجيد والتقديس لأي جهة، في ظل انقسام آراء الشعب السوري حول ما حدث خلال الحرب.