ارتفعت وتيرة الحديث عن ضرورة التحرك لوقف عمليات الخطف والسرقة، في محافظة السويداء، بعدما تكررت خلال الفترة الماضية بشكل ملحوظ وغير مسبوق.
وتزامن ارتفاع معدل الخطف والسلب، مع ابرام العشرات من أفراد العصابات تسويات أوضاع مع الجهات الأمنية، لإعادة سجلاتهم العدلية نظيفة من الحق العام، والسماح لهم بمتابعة الدعاوى الشخصية وحلها، مع العلم أن عدد أفراد العصابات أقل من 150 شخص، وفق تقديرات الجهات الأمنية.
أحد المهتمين بالشأن المحلي والأمني أشار للسويداء 24، إلى أن “الطروحات التي تدور حالياً، تتمركز ضمن مسارات محدودة، أولها التسويات مع الأجهزة الأمنية واحتضانها لهم، وكأنهم خرجوا في الأساس من هذا الاحتضان، وكثير منهم يلتقون بالقيادات الأمنية على مختلف المستويات بشكل شبه دائم”.
وأضاف المصدر أن الاتصالات الهاتفية مفتوحة بشكل دائم بين الجهات الأمنية وقسم من متزعمي العصابات، الأمر الذي لم ينعكس بشكل إيجابي على المجتمع، وانحصر بمصالح ضيقة فيما بينهم، مما زاد القناعة لدى الشارع في السويداء، بوجود ارتباط وثيق بين الجانبين.
ويشير المصدر إلى أن المسار ثاني يتحدث عن رفع الغطاء العائلي عن المتهمين بالجرائم، في محاولة لتحميل المجتمع مسؤولية أفعال المجرمين، في حين أن الغطاء الحقيقي لهم هي علاقاتهم الأمنية، والمصالح المتبادلة مع المتنفذين، حيث يبدو أن تلك الجرائم تأتي على هامش العلاقات والمصالح، وهي كما يقول بعض ممثلي الدولة لا تشكل خطراً على الدولة.
أما المسار ثالث يوضح المصدر، يجهد منذ سنوات بمطالبة المسؤولين في الجهات المعنية بأخذ دورهم لوقف الجرائم، بينما يرد المسؤولين أن الدولة لا تريد دماء في السويداء، وكأنها لا تطرح سوى استخدام القوى المفرطة التي قد تسبب وقوع الكثير من الضحايا، حيث لا ترغب بالتمييز بين المتهم بارتكاب جرائم ومخالفة سير، فكل الناس يتم وضعهم في سلة واحدة.
لكن المشكلة تكمن وفق رأيه، في أن ممثلي المؤسسات الأمنية وغالبية الوجهاء والقيادات التي تدور في فلكها، تنظر إلى علاج المشكلة بشكل منعزل عن جذور الحرب وواقع البلاد، فيغيب عن الطروحات أليات بناء الثقة بين المجتمع والدولة، والتي تعتبر بأقل مستوياتها، وقف الفساد في الأجهزة الأمنية والشرطة والقضاء.
معتبراً أن بناء الثقة ووقف الفساد لدى الأجهزة الأمنية والقضاء، قد يسمح لأفراد المجتمع باللجوء إليه، والأهم من كل ذلك، العمل على التنمية الاقتصادية والقضاء على الفقر، الذي يعد من أهم عوامل رفع معدل الجريمة بكل أشكالها، فكيف إن كان هناك بيئة مناسبة من الفساد والتهميش والمظلومية والبطالة.
كما يتطلب الواقع المتردي أن تقوم الدولة بتعزيز دور المثقفين والمجتمع المدني، على حساب المتهمين بالجرائم الجنائية وبعض مشكلي الفصائل المسلحة، التي تقدمهم اليوم على كل المجتمع، فتدفع الناس للجوء إليهم ليؤمنوا حماية أنفسهم وتحصيل حقوقهم حتى من مؤسسات الدولة وخاصة الأمنية.
وشدد المصدر على ضرورة التزام الحكومة بواجباتها اتجاه المواطنين، لتخفف عنهم أعبائهم المعيشية والخدمية، فإن أي تغيير مرغوب به على واقع المجتمع، لا يمكن أن يحدث بفترة زمنية قصيرة، واستخدام فائض من القوة دون خلق تغيير حقيقي بالواقع المعاشي والخدمي، يهدد بحدوث انفجار غير مضمون الأبعاد.
وحذر من خطورة الدفع إلى اقتتال داخلي بين القوى المحلية، أو بين تلك القوى والمؤسسات الأمنية العنفية التابعة للدولة، لذلك فإن تحسن الوضع الأمني مرتبط بوجود برنامج متكامل، غياب أي من أركانه سيحكم على أي مبادرة أمنية بالفشل وتحميل المجتمع خسائر غير قادر على تحملها.