باتت رداءة القطاع الصحي في محافظة السويداء مشكلة مزمنة، في ظل غياب الرقابة والدعم الحكومي واستمرار التدهور في مسالك الخدمات الطبية، ناهيك عن تجاوزات قامت بها الشؤون الإدارية للقطاع بعينه.
وأحصت السويداء 24 في السنوات الماضية، خروقات عديدة في القطاع الصحي ضمن التحقيق التالي، قابلتها وعود من الجهات المعنية لتصحيح وسد الثغرات في وجه المواطنين، لكن هذه الوعود التي قدمتها مديرية الصحة في المحافظة ذهبت أدراج الرياح.
الأدوية بإنقطاع مستمر
سجلت السويداء 24 عشرات الشكاوى التي أكدت عدم وجود الأدوية اللازمة للحالات الحرجة والباردة لزوار المستشفيات الحكومية، إذ تفاوتت نسبة التأثيرات على المرضى، بين من أكمل علاجه على حسابه الشخصي، وبين من تفاقمَ وضعه بلا حول أو قوة، لتصل نسبة الاستطباب في بعض الأحيان إلى عدم الجدوى، وبنهاية مزرية تصل إلى وفاة المريض أو المصاب.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، وثّقت السويداء 24 حالة وفاة العام الفائت، جراء إصابة مواطن بعضة حيوان شارد لم يوفق المستشفى الوطني بتوفير المصل المضاد لها.!
الخدمات تتناقص والأجهزة فيمرحلة الهريان
أكدت عدة مصادر طبية للسويداء 24 عن صحة الشكاوى الواردة إليها عبر بريد الشبكة في الكثير من الأحيان موضحة على أن أغلب ما ورد من شكاوى قد سُجّل فعلاً، و بأن الخروقات الخدمية الطبية كانت على الدوام تثير غضب المرضى بقدومها تارةً واختفائها تارةً أخرى بعد هيجان الأصوات حولها، ودون تبرير للمعنيين في جميع الحالات.
هذا وامتزج سوء تقديم الخدمات وانحدار مستوى النظافة العامة، وبين عدم وجود اختصاصي معين وقلة عدد الطاقم التمريضي، والذي رجّحه البعض لتنقلات اجبارية أُخضعت على الموظفين من قبل ادارتهم، واجبرتهم على الدوام في مستشفيات عديدة بعد افتتاحها، او ما تعرض له الكثيرين من الفصل التعسفي، فضلا عن الذين هاجروا خارج سوريا.
وكان للأجهزة الطبية النصيب الوفير من الإهمال وسوء التدبير، إذ تجاوزت مدة الأعطال مثلاً لجهازي الرنين المغناطيسي والطبيقي المحوري المعنيين بالتصوير الشعاعي لأكثر من 3 شهور بفترات زمنية متقطعة كما.
ورصدت السويداء 24 هذه المشكلة بشكل متكرر، الأمر الذي وقف عائقاً أمام الكثير من المرضى والزمهم للتوجه نحو القطاعات الخاصة أو محافظات أخرى كدمشق لتلبية دواعي التشخيص المطلوبة من قبل الطبيب وعدم توافرها في مشافي السويداء.
مديرية الصحة ماذا تفعل.؟
أكد مصدر في مديرية الصحة للسويداء 24، أن المديرية مُنعت من ما يسمى سد الحاجة بشكل ذاتي وأن وزارة الصحة في دمشق، كانت قد ألغت كل ما يتعلق بشراء المستلزمات من مستهلكات وأدوية بشكل ذاتي من قبل مديرية المحافظة وأحالتها الى الطلبات المركزية، أي بشحن تلك المستلزمات من قبل الوزارة لصالح المديرية فقط، وبالتالي الرجوع إلى تقديم الطلبات وانتظار الموافقة عليها ثم احضارها من الوزارة، الأمر الذي اعتبره المصدر سبباً رئيسياً للنقص الحاد لكل الاحتياجات منها الطبية.
الأمر ذاته انطبق على طلبات الاصلاح للأجهزة يتابع المصدر: أن المديرية أصبحت خاوية اليدين أمام مطرقة المريض وسندان الوزارة، حسب وصفه.
هل تلبي الهيئات الخاصة حاجة المحافظة طبياً
أفرزت وزارة الصحة قسم الهيئات الخاص في مستشفياتها، الأمر الذي يُجبر المريض على تغطية جزء من القيمة المادية في حال إحالته إلى قطاع الهيئات الحكومية، إلا أنه وبحسب ما وثقت شبكة السويداء 24، فأن فروع الهيئات في المحافظة والتي تتمثل في مستشفيات صلخد وشهبا، لم تلبي الحاجة المطلوبة.
وفي الكثير من المرات كانت الشكاوى تتشابه بينها وبين الجزء العام المدعوم، وحصدت معاناة بشبيهتها في عدم توفّر المستلزمات ومنها أيضاً الأجهزة التي تخص الحالات الجراحية كالمفاصل والقضبان الاصطناعية وبراغي حالات الكسور العظمية والانتكاسات العصبية، ليبقى القطاع الخاص صغيراً على سدّ حاجات المحافظة بكل مشافيه، خاصة المتعلقة بالمواطن الغير ميسور مادياً، وعجزهم عن الاستطباب ومعالجة نفسهم في هذا القطاع.
التأمين الصحي هل يكون الحل
نشرت صحيفة تشرين السورية مطلع عام 2017 تقريراً حول واقع التأمين الصحي في السويداء متطرقة فقط إلى مشاكل انتهاك معايير خدمات التأمين، بسؤالها المعنيين عن الشكاوى المقدمة والتي تخص خدماته، وواصفة المشكلة بأن عدم وجود ثقافة صحية لدى المستفدين من التأمين (مواطنين و أطباء) كانوا هم المشكلة في غالب الأمر.
إلا أن الصحيفة لم تتطرق إلى شركات التأمين، وحالة التردي الخدمي المقدم من الشركة اتجاه المواطنين والأطباء، فالمريض الحائز على بطاقة التأمين تفاجأ مؤخراً بسياسة كانت قد وضعتها الشركات دون معرفته، تنص على تقليل وتخفيض استفادة المريض بعدد ما يسمى زيارات طبية، وبذات الأمر للطبيب أيضاً والذي واجه رفضاً كثيراً من قبل الشركات للحالات المتابع لها وأجور قليلة كتغطية للحالات الموافق عليها من قبل الشركات، بحسب ما أفاد بعض المتعاقدين منهم للسويداء 24 حين سؤالهم عنها.
ومن جهة أخرى بقي المريض وحيداً يحمل بطاقة التأمين التي بحوزته بلا استفادة، لأن كل ماسبق سيصيبه هو أخيراً.
الجدير بالذكر أن أغلب المستفيدين من التأمين الصحي هم موظفو القطاع الحكومي، وكانت قد فرضت عليهم كحوافز في بداية عقودهم الوظيفية، إلا أنّ هذا التأمين يسحب من كامل ميزاته عند استقالة الموظف أو تقاعده من العمل، الأمر الموصوف لدى غالبية المتعاقدين، بأنه جزء من تجارة مربحة، ماهو إلا نوع من الاحتيال.