السويداء على صفيح ساخن، هل تركتها الدولة لمصير مجهول .!

تسارعت وتيرة الأحداث الأمنية في محافظة السويداء خلال الأيام القليلة الماضية لتصبح على وشك انفجار داخلي، في ظل تجاهل مستمر من الجهات المعنية وإجراءات غير تزيد حدة التوتر.

وأكدت مصادر مختلفة للسويداء 24، إن عناصر حاجز المخابرات العسكرية في منطقة المسمية على طريق دمشق السويداء، اتخذوا إجراء جديد منذ حوالي أسبوع، تمثلت بالتدقيق على هويات جميع على العابرين باتجاه السويداء، ومنع أي مواطن من خارج المحافظة، الدخول لها بحجة الحالة الأمنية المتردية.

وأوضحت المصادر أن عشرات المواطنين منعوا في الأيام الماضية من دخول المحافظة، أما بالنسبة لسائقي شاحنات نقل البضائع، يتم استبدالهم بسائقين من أبناء السويداء ليدخلوا المحافظة، أو يتجمعون ويدخلون ضمن رتل واحد، بترفيق من عناصر فصيل حماة الديار في الذهاب والإياب، دون مقابل مادي، وفي حال عدم توفر الترفيق أو السائق البديل تعود السيارة من حيث جاءت.

وقد لاقى الإجراء الأمني استياء لما يحمله من أضرار سلبية مادياً ومعنوياً على أبناء المحافظة، ويثبت أيضاً تجاهل وزارة الداخلية واللجنة الأمنية لجميع ما يحصل من أحداث في محافظة السويداء، سببها الأبرز تقصير الجهات المعنية بواجبها في مكافحة العصابات التي تستهدف ابناء السويداء والغرباء بسوية واحدة، وتعويم هذه العصابات في الكثير المراحل والتعامل معها بشكل علني.

ولا يتوقف تقصير الجهات المعنية على هذا الحد، بل أن وزارة الداخلية والحكومة بشكل عام صامتة تماماً أمام ما يجري منذ سنوات من فلتان أمني، وما تحمله الأيام القليلة الماضية من تطورات، دفعت أطرافاً محلية مسلحة لا تحمل أي صفة قانونية لتنفيذ مهامها، في ملاحقة المتورطين والبحث عن المخطوفين.

مراسل السويداء 24 في مدينة شهبا أشار إلى أن عشرات الشبان المسلحين تجمعوا في ساحة المدينة وبعض شوارعها، بعد وصول أنباء عن نية الفصائل المسلحة المنبثقة عن اجتماع القريا بدخول المدينة وملاحقة المطلوبين فيها، وسط أجواء سادها التوتر، لكن تبين لاحقاً أن المعلومة كانت عبارة عن إشاعة تم بثها لزيادة الشرخ وتأليب المناطق على بعضها.

ورغم ذلك يقول أحد أعضاء الفصائل التي قررت محاربة العصابات في تصريح للسويداء 24، إن تحركهم كان بعد أن أصبحت الأوضاع الأمنية لا تحتمل، موضحاً أن الحملة أثمرت اليوم عن تحرير كل من المخطوفين معاوية الصبحات وعدنان المشوط، وعبدالله جاويش ويوسف الجردي، وطلال جعفر.

وأضاف أن الفصائل قبضت على 5 أشخاص حتى اليوم بينهم سيدة، وتتهمهم الفصائل بضلوعهم في عمليات خطف وصرقة سيارات، مضيفاً أنه تم تحرير مخطوفين كانا لديهم، أما بقية المختطفين، تم تحريرهم عبر الضغط على العصابات التي كانت تحتجزهم، دون وجود آلية واضحة لنوع الضغط وطريقة التعامل مع هذا الملف.

لكن مصدر قضائي تحدث عن التحرك الأخير من الجانب القانوني، موضحاً إن “اجتماع مجموعة من الفصائل المسلحة واتفاقها على ملاحقة الخارجين عن القانون، يمثل خرقاً واضحاً للقانون السوري، حيث جاءت المادة السادسة من قانون أصول المحاكمات الجزائية واضحة عندما أسندت للضابطة العدلية (النائب العام و عناصر الشرطة والأمن ….) مهمة استقصاء الجرائم وجمع أدلتها والقبض على مرتكبيها وإحالتهم للمحاكم الموكل لها معاقبتهم”.

وأضاف “أما إذا بحثنا في عواقب تنفيذ هذا الاتفاق وما يعرض المنطقة لاقتتال أهلي، بتفويض جماعة مسلحة لضبط الأمن وتطبيق القانون، وبعيداً عن بنية هذه المجموعات ومدى قانونية وجودها ودورها، سنجد هناك نص واضح وصريح جاء على ذكره قانون العقوبات السوري في المادة ٢٩٨:” يعاقب بالأشغال الشاقة مؤبداً على الاعتداء الذي يستهدف إما إثارة الحرب الأهلية أو الاقتتال الطائفي بتسليح السوريين أو بحملهم على التسلح بعضهم ضد البعض الآخر “.

أما أحد المهتمين بالشأن العام، صرح وفق وجهة نظره عن ما يحصل مؤخراً: “يبدو أن هناك من يصر على العمل خارج القانون والشرعية، وبقصد أو دون قصد يعمل لترسيخ هذا الواقع، بالرغم من أن الفراغ والفوضى لا تخدم الدولة ومستقبل سورية بأي شكل من الأشكال”.

واضاف “لكن السؤال لماذا الجهات المعنية، تستخدم هذه الادوات بعلمها أو عبر استغفالها ودفعها للقيام بهذا الدور، هل يصح العمل خارج القانون، وهل يستطيع الخارج عن القانون أن يطبقه، كيف يمكن أن تعالج هذه الازدواجية المدمرة، وكان لنا معها تجربة قريبة، وكلنا يذكر كيف بدا واضحا في عام 2011 أن هناك من هم فوق القانون جماعة “نحن الدولة ولك”.

لافتاً إلى أن “ما يحدث في السويداء ينذر بكارثة جديدة، حيث لا يجب إعطاء دور الدولة لأي جهة مهما كانت، لأنها تؤسس لشكل من أشكال الفلتان، بالرغم من أن هناك من يقول أنهم ادوات يمكن التخلص منهم، سيبقى أثر ذلك اجتماعيا غائر عميقا في وعي المجتمع، وسيؤسس لانفجارات جديدة غير محسوبة النتائج أقله لنا”.

واعتبر أنه “لا يمكن أن يكون هناك حل أمني بعيدا عن مسارات الحل الاقتصادي والاجتماعي، وإيجاد فضاء أمن للحريات العامة والاعلام، وعمل المجتمع المدني، يعمل على إعادة بناء الثقة وصياغة عقد اجتماعي عصري، يفضي إلى دولة القانون، من خلال بناء أدوات الثقة ووضع نظرة جديدة ما بين الفرد والدولة، تؤسس لنوع من التفاعل الايجابي”.

فيما تجدر الإشارة إلى أن تحركات الفصائل المحلية الأخيرة لاقت ترحيباً واسعاً في أوساط المحافظة، نتيجة الاستياء الواسع من تدهور الأوضاع الأمنية على مر السنوات الماضية، رغم عدم وجود أي شرعية قانونية أو حتى عشائرية لهذه التحركات، فهل تكون الشرارة لحرب عائلية، أم خطوة لتحسين الأوضاع الأمنية، وأين وزارة الداخلية والحكومة ومجلس الشعب من ما يحدث ؟!