التحرش بالأطفال، بين قصور العقوبات وغياب التوعية في المؤسسات التربوية .!

تتضاعف خطورة ظاهرة التحرش بالأطفال، في ظل قصور العقوبات الرادعة في سوريا، وغياب التوعية اللازمة، في المؤسسات التربوية، وفق مختصين في شؤون الأطفال.

ويعد التحرش بالأطفال ظاهرة منتشرة بنسب متفاوتة، لكن خطورتها مضاعفة كون الضحية لا يدرك غالباً ما يقع بحقه، وإن أدرك، هو غير قادر على التعبير والشكوى، بسبب ظروف مختلفة اجتماعية ونفسية، خصوصاً في المجتمعات العربية.

التحرش في القانون السوري

أوضح المحامي أيهم في حديث مع السويداء 24، “لم تخصص مادة قانونية بالتحرش بالأطفال، إلا أنه يعتبر جرم جنائي ضمن مايعرف بالأفعال المنافية للحشمة”.

ولفت إلى أن المادة 489 في قانون العقوبات السوري تنص على:”1- من أكره غير زوجه بالعنف أو بالتهديد على الجماع عُوقب بالأشغال الشاقة خمس عشرة سنة على الأقل.
2- ولا تنقص العقوبة عن إحدى وعشرين سنة إذا كان المعتدى عليه لم يتم الخامسة عشرة من عمره”.

وينص القانون في المادة 505 على أنّه “من لمس أو داعب بصورة منافية للحياء قاصرًا لم يتم الخامسة عشرة من عمره، ذكرًا كان أو أنثى، أو فتاة أو امرأة لهما من العمر أكثر من خمس عشرة سنة دون رضاهما عوقب بالحبس مدة لا تتجاوز السنة ونصف”.

كمّا جرّم المشرّع السوري الكلام اللفظي الدال على التحرش في المادة 506: “من عرض على قاصر لم يتم الخامسة عشرة من عمره أو على فتاة أو امرأة لهما من العمر أكثر من خمس عشرة سنة عملًا منافيًا للحياء أو وجه إلى أحدهم كلامًا مخلًا بالحشمة عوقب بالحبس التقديري ثلاثة أيام أو بغرامة لا تزيد على خمسة وسبعين ليرة سوريّة أو بالعقوبتين معًا”.

إلا أن تطبيق هذه المواد تواجه عراقيل كثيرة، قد تودي إلى نجاة المتحرش من فعلته، يردف المحامي أيهم، ” فالمشكلة التي تواجهنا هي إثبات حدوث الواقعة، والتي تحتاج لشهود عيان وكلنا نعلم بأن المتحرش يحرص على أن لايراه أحد، إضافة للحاجة لفحوصات طبية، لاتتوفر الأجهزة الحديثة لذلك غالباً، إضافة لكون المجتمع لدينا محافظ، يرى الكثيرون من أبنائه بأن التستّر أفضل له.

إهمال التثقيف الجنسي في المدارس السورية..!!

بادرت مرشدات نفسيات في إحدى المدارس المختلطة وسط مدينة السويداء، في خطوة غير مسبوقة، إلى نشر التوعية في الصفوف حول التربية الجنسية، ووجوب التعرف الطفل إلى جسده، كما تحدثوا عن التعامل السليم مع المواقف التي قد يتعرض لها الطفل سواءً من الأقرباء أو الغرباء.

فيما كان للسويداء 24 لقاءً مع إحدى المرشدات النفسيات من المحافظة، والتي أوضحت أن الإرشاد النفسي بالمدارس لم يأخذ دوره الفاعل بما يخص التربية الجنسية للأطفال، حيث تبقى المحاولات خجولة وسط بعض شرائح المجتمع الرافضة للتوعية الجنسية والتي تعتبرها أمر خارج عن أعرافها.

مشيرة إلى وجوب تعاون وزارتي التربية والصحة في سبيل نشر التوعية بين الطلاب والأهالي أيضاً، لبناء مجتمع خالٍ من العقد الجنسية المكبوتة، إضافة إلى فرض الوزارة لمنهج جديد يُعنى بالأخلاق العامة ويتطرق للتحرش الجنسي لتعليم الأطفال حول هذا الأمر الذي قد يترك أضراراً على نفسية الطفل ومستقبله ويصعب علاجها.

وقد أضاءت السويداء 24 على “التحرّش بالأطفال في السويداء” في تقرير سابق، تطرق لكيفية حماية الطفل من أن يكون متحرشاً أو ضحيّة، إذا وثقت منظمات مختصة بالطفل في السويداء خمس تحرش عام 2019، لكن الحقيقة أن الأرقام أعلى من ذلك، لكون معظم الحالات لا يتم الإعلان عنها أو توثيقها.

الأمم المتحدة تطالب بقوانين رادعة للتحرش..!!

أكدت الخبيرة المعنية بالإتجار بالأطفال واستغلالهم جنسيا في الأمم المتحدة، مود دي بوير بوكيشيو الارتفاع في عدد التقارير المتعلقة بمواد الاعتداء الجنسي على الأطفال على الإنترنت مع بداية العام الحالي.

وبحسب ما نشره موقع أخبار الأمم المتحدة، فإن المقررة صرحت بأن ارتفاع غير مسبوق حصل في عدد التقارير حول مواد الاعتداء الجنسي على الأطفال على الانترنت، مبينة أن المسؤولية الأساسية عن وضع إطار قانوني شامل، واستراتيجيات لحماية الأطفال في البيئة الرقمية تقع على عاتق الدول، وذلك بموجب التزامها بالعديد من معاهدات حقوق الإنسان.

كما شدد الخبراء الأمميون، على ضرورة الكشف المبكر عن الحالات وتوفير الخدمات وآليات الإبلاغ الملائمة للأطفال وفعاليتها، بالتزامن مع سن القوانين والسياسات التي تركز على الضحايا، مشددين على أهمية “أن تتم مساءلة الجناة”. 

وأوجب الخبراء إعطاء الأولوية للوقاية، بما في ذلك من خلال البرامج التعليمية وحملات التوعية التي تستهدف الأطفال أنفسهم، موضحين أن حماية الأطفال في عالم الإنترنت مسؤولية مشتركة للحكومات والقطاع الخاص.