قضية بصرى الشام والقريا أخذت بعداً أقليمياً، فمن ينزع فتيل الأزمة ؟!

أخذت الأحداث الأخيرة التي شهدتها بلدتي القريا وبصرى الشام المتجاورتين، بعداً أقليمياً، في ظل غياب دور السلطات السورية وعجزها عن اتخاذ أي حلول.


الفيلق يماطل بالانسحاب من أراضي القريا

مصدر من فصائل بلدة القريا قال للسويداء 24، أنه بعد الأحداث التي شهدتها المنطقة نهاية أذار الماضي، رفع مسلحو الفيلق الخامس، سواتر ترابية ودشم، داخل الاراضي الزراعية العائدة لأهالي البلدة، والمحاذية لاراضي بصرى الشام، مما زاد من حدة التوتر، وجعل الأوضاع مهيأة لحدوث صدامات جديدة.


وأضاف أن مسلحي الفيلق الخامس، تقدموا ضمن الأراضي الزراعية التي يملكها أهالي بلدة القريّا، بمسافة تتراوح بين 1 كم إلى 3 كم، بعد أحداث 27 أذار، ورفعوا سواتر جديدة، غير السواتر المرفوعة في السنوات الماضية، وبالتالي حُرم مزارعي القريّا من دخول أراضيهم في تلك المنطقة.

وأشار إلى أن وجهاء من بلدة القريّا عقدوا عدة اجتماعات خلال الأسابيع الماضية، مع مسؤولين من السلطات السورية، والقوات الروسية أيضاً، وطلبوا خلالها انسحاب مسلحي الفيلق من أراضي البلدة، ومحاسبة المسؤولين عن أحداث 27 أذار قانونياً، وقد قدمت السلطات السورية، والروس وعوداً عديدة بهذا الشأن، إلا أنها لم ترقى إلى مطالب أهالي القريا.

حيث بدأ مسلحو الفيلق انسحاباً تدريجياً من أراضي بلدة القريا، منذ مطلع شهر أيار الحالي، إذ تم تمهيد قسم من السواتر الترابية داخل أرض القريّا، بجرافات تابعة لمحافظة السويداء، فيما رفع مسلحو الفيلق سواتر ترابية جديدة، داخل أراضي مدينة بصرى الشام.

وقد توقفت عمليات مسح السواتر من أراضي بلدة القريا، يوم الاثنين 4/5/2020، حيث لا يزال قسم منها مرفوعة ضمن أراضي البلدة، ويتم رصد تحركات لمسلحي الفيلق ضمنها، إذ طالب أهالي البلدة، بضرورة التزام السلطات السورية والروسية بتأمين المنطقة، بأسرع وقت، سيما وأن موسم الحصاد اقترب، ويوجد مئات الدونمات المزروعة بالمنطقة.

فيما غابت السلطات السورية عن مسؤولياتها ازاء الأحداث التي شهدتها المنطقة، إذ اقتصر دورها على مراقبة فرع أمن الدولة بالسويداء لعملية تمهيد السواتر، في المنطقة الواصلة بين بلدتي القريا وبصرى الشام، دون اتخاذ أي خطوات ملموسة لنزع فتيل الأزمة في المنطقة، فضلاً عم الوعود “التخديرية” من مسؤولي جزب البعث والسلطة، وفق المصدر.


وأكدت مصادر السويداء 24، أنه يوم الاثنين 4/5/2020، توجه رئيس فرع أمن الدولة في السويداء، العميد سالم الحوش ومجموعة من عناصره، إلى مكان تمهيد السواتر، إلا أنهم تعرضوا لإطلاق نار من جهة نقاط الفيلق، بعد انسحاب القوات الروسية التي كانت تشرف على تمهيد السواتر، دون وقوع إصابات.

كذلك ذكر مسؤول موقع القريا الآن في تصريح للسويداء 24، أن مسلحي الفيلق الخامس، لم ينسحبوا بشكل كامل من أراضي البلدة، مؤكداً على تواجد سواتر ونقاط لهم داخل أراضي القريا الزراعية، وأشار إلى أن هذا التواجد يثير استياء أهالي المنطقة، موضحاً “طالما السواتر مرفوعة، ممكن بأي لحظة يرجعوا”.

وأضاف أن مسلحي الفيلق الخامس يماطلون بالانسحاب، ويفتعلون خلافات عن كل موعد يتم الاتفاق عليه لمسح السواتر في المنطقة، مشدداً على أهمية مسح جميع السواتر في أرض القريا، وعدم تواجد مسلحي الفيلق بأي شكل من الأشكال داخل هذه الأراضي، تفادياً لأي تطورات جديدة.

رواية الفيلق الخامس

قال مصدر رسمي، من الفيلق الخامس، في بصرى الشام في تصريح للسويداء 24، أن قوات الفيلق تتواجد في المنطقة الحدودية بين محافظتي درعا والسويداء، وتحديداً بين بصرى الشام والقريا، “بناءً على طلب الأهالي لحمايتهم من عمليات الخطف أو التعرض لأي اعتداء محتمل”، على حد قوله.

وأكمل المصدر “ﺗﻢ ﺇﺯﺍﻟﺔ ﺍﻟﺴﻮﺍﺗﺮ ﻭ ﺍﻟﺪﺷﻢ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠﻔﻴﻠﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺍﻟﺤﺪﻭﺩﻳﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺘﻴﻦ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻔﻴﻠﻖ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ﻛﺒﺎﺩﺭﺓ ﺣﺴﻦ ﻧﻴﺔ ﻟﺤﻞ ﺍﻟﺨﻼﻑ ﺍﻟﺤﺎﺻﻞ ﻭ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻮﺍﺗﺮ ﺍﻟﺘﻲ ﻭﺿﻌﺖ ﺑﻬﺪﻑ ﺗﻌﺰﻳﺰ ﻧﻘﺎﻁ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﻴﻦ ﻣﻦ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﺨﻄﻒ ﻭ ﺍﻟﺴﻠﺐ ﻭ ﺍﻟﻨﻬﺐ ﻭ ﺍﻻﺑﺘﺰﺍﺯ ﺑﺤﻀﻮﺭ ﻟﺠﻨﺔ ﺭﻭﺳﻴﺔ ﻭ ﺗﺤﺖ ﺇﺷﺮﺍﻓﻬﺎ”.

واستطرد “ﺣﻴﺚ ﺗﻌﺮﺿﺖ ﺇﺣﺪﻯ ﻧﻘﺎﻁ ﺍﻟﻔﻴﻠﻖ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ﻻﻋﺘﺪﺍﺀ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﺴﻠﺤﺔ ﻓﻲ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻢ ﻓﻴﻪ ﺇﺯﺍﻟﺔ ﺍﻟﺴﻮﺍﺗﺮ ﺃﺳﻔﺮﺕ ﻋﻦ ﺇﺻﺎﺑﺔ ﻋﺪﺩ ﻣﻦ ﻋﻨﺎﺻﺮ ﺍﻟﻔﻴﻠﻖ”، وأضاف أن مجموعات مسلحة قامت بتهجير أكثر من 60 عائلة من مواطني البدو من أبناء منطقة القريا.

كما تطرق، إلى ﺗﺸﻜﻴﻞ ﻟﺠﻨﺔ ﻣﻦ ﻭﺟﻬﺎﺀ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﺩﺭﻋﺎ ﻟﺤﻞ ﺍﻟﺨﻼﻑ ﺍﻟﺤﺎﺻﻞ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺤﺎﻓﻈﺘﻴﻦ، ﻭﻋﻤﻠﺖ ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ حسب روايته، ﻓﻲ ﻋﺪﺓ ﻧﻮﺍﺣﻲ، ﻭ”ﻟﻜﻦ ﺗﻌﺜﺮ ﻋﻤﻠﻬﺎ ﺑﺴﺒﺐ ﻋﺪﻡ ﻭﺟﻮﺩ ﺟﻬﺔ ﻓﺎﻋﻠﺔ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﻓﻈﺔ ﺍﻟﺴﻮﻳﺪﺍﺀ ﻟﻬﺎ ﻛﻠﻤﺔ ﻧﺎﻓﺬﺓ”، إضافة إلى ﻋﺪﻡ ﺇﺻﺪﺍﺭ ﻟﺠﻨﺔ ﻧﻈﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﻣﺸﺎﻳﺦ ﻭﺃﻋﻴﺎﻥ السويداء ﻓﻲ ﻇﻞ ﺍﻟﻈﺮﻭﻑ ﺍﻟﺴﺎﺋﺪﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ، على حد قوله.

وقال أنهم طلبوا ﻭﺟﻮﺩ “ﺗﻨﺴﻴﻖ ﺑﻴﻦ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻟﻴﻦ ﻓﻲ ﺑﻠﺪﺓ ﺍﻟﻘﺮﻳﺎ ﺑﺸﺄﻥ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻋﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻄﺮﻓﻴﻦ ﻟﻜﻲ ﻻ ﻳﺤﺪﺙ ﺃﻱ ﺍﻟﺘﺒﺎﺱ ﺃﻭ ﺗﺘﻌﺮﺽ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻋﻴﻦ ﻟﻠﺨﻄﺮ ﻭ ﻣﻨﻌﺎً ﻻﺳﺘﻐﻼﻝ ﻏﻄﺎﺀ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻋﻴﻦ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻣﺠﻤﻮﻋﺎﺕ ﺗﺨﺮﺑﻴﺔ ﻫﺪﻓﻬﺎ ﻧﺸﺮ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻄﺮﻓﻴﻦ ﻭ ﺇﺷﻌﺎﻝ ﻧﻴﺮﺍﻥ ﺍﻟﺤﺮﺏ”.

كذلك صرح “ﺇﻥ ﻗﻮﺍﺕ ﺍﻟﻔﻴﻠﻖ ﺍﻟﺨﺎﻣﺲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻄﻘﺔ ﺗﺪﻋﻢ ﺃﻱ ﺧﻄﻮﺍﺕ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺇﻧﻬﺎﺀ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﺍﻟﺤﺎﻟﻴﺔ ﺍﻟﺤﺎﺻﻠﺔ ﻭﺗﺪﻋﻢ ﻋﻤﻞ ﺍﻟﻠﺠﺎﻥ ﺍﻟﻤﺪﻧﻴﺔ ﻭﺗﺆﻛﺪ ﻋﻠﻰ ﺍﻻﻟﺘﺰﺍﻡ ﺑﻤﺎ ﺗﻨﺘﺠﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻠﺠﺎﻥ ﻣﻦ ﻣﻘﺮﺭﺍﺕ ﻣﻦ ﺷﺄﻧﻬﺎ ﺇﻋﺎﺩﺓ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺠﻴﺮﺍﻥ ﻟﻤﺎ ﻛﺎﻧﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﻭ ﺗﺴﻬﻴﻞ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻋﻴﻦ ﻭ ﺣﻤﺎﻳﺘﻬﻢ ﺧﺎﺻﺔً ﻣﻊ ﺍﻗﺘﺮﺍﺏ ﻣﻮﺳﻢ ﺍﻟﺤﺼﺎﺩ ﻭ ﻭﺃﺩ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﻭ ﻭﺿﻊ ﺣﺪ ﻟﻠﻌﺼﺎﺑﺎﺕ ﻭ ﺍﻟﻤﺠﺮﻣﻴﻦ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻤﻠﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺗﺄﺟﻴﺞ ﺍﻟﻮﺿﻊ ﻭ ﺇﺷﻌﺎﻝ ﻧﺎﺭ ﺍﻟﻔﺘﻨﺔ ﺍﻟﻄﺎﺋﻔﻴﺔ ﻭ ﺍﻟﻤﻨﺎﻃﻘﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺠﺎﺭﺗﻴﻦ ﺩﺭﻋﺎ ﻭ ﺍﻟﺴﻮﻳﺪﺍﺀ”.

القضية أخذت بعداً أقليمياً

قال مصدر مقرب من فضيلة الرئيس الروحي للطائفة الدروية في الجليل والكرمل، الشيخ موفق طريف، أن أبناء طائفة الموحدين الدروز، “يتابعون بقلق شديد الأخبار الواردة من قرى جبل الدروز في حوران، ومحاولات الاعتداء من قبل المدعو أحمد عودة وجماعته مستغلا ظروفا إقليمية وبدعم من تنظيمات إرهابية”.

وأضاف إن “فضيلة الشيخ موفق طريف الرئيس الروحي للطائفة الدرزية، يعمل في الاسابيع الأخيرة لدى الحكومة الروسية وكان قد التقى الملحق العسكري للسفارة الروسية في تل أبيب وارسل كتابا الى وزير الدفاع الروسي وقام باتصالات عدة مع مبعوث الرئيس الروسي الى سوريا ونائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف”.

مشيراً إلى أن فضيلة الشيخ، طلب بصريح العبارة لجم مسلحي أحمد عودة عن تكرار أي اعتداء في المنطقة، وانسحابهم من أراضي القريا بشكل كامل، كما أوضح أنه تلقى وعوداً روسية بالحفاظ على الاستقرار بالمنطقة، سيما وأن روسيا هي الدولة الضامنة لاتفاق التسوية في جنوب سوريا.

فيما كان رئيس الحزب الاشتراكي التقدمي، النائب اللبناني السابق، وليد جنبلاط، في أواخر نيسان الماضي، قد حذر أهالي أهالي محافظة السويداء من فتنة، اتهم السلطات السورية بافتعالها بينهم وبين أهالي محافظة درعا، مضيفاً “لا تنجروا في لعبة الأمم، وانبذوا الشائعات واعقدوا الصلح مع حوران ايا كانت التضحيات، مصيركم وتاريخكم النضالي فوق كل شيء”.

وشهدت المنطقة أواخر أذار الماضي، اشتباكات بين مسلحين محليين من مدينة بصرى الشام، يتبعون للفيلق الخامس، ومسلحين محليين من بلدة القريا، أدت لخسائر بشرية في صفوف الجانبين، وسط تضارب روايات الطرفين عن سبب الاحداث، إذ بقيت المنطقة على حالة من التوتر.


يذكر أن العديد من النشطاء والوجهاء في محافظتي درعا والسويداء، أصدروا بيانات مشتركة في الأسابيع الماضية، وأكدوا على ضرورة تفادي أي خلافات تهدد السلم الأهلي، لكن البيانات لم تترجم حتى اليوم على أرض الواقع، إذ شدد ناشطون على ضرورة اشكيل لجان تواصل بين المحافظتين، يكون لها صلاحيات لاحتواء اي حالة توتر، وللمساهمة في إنهاء المشاكل العالقة.