نساءٌ تكافح في السويداء لتأمين لقمة العيش.. “المتحرشون يزيدون حياتهن صعوبة”

تمسك بيد طفلتها وتسير باحثة عن عمل في تنظيف المنازل أو المحال التجارية، فالأوضاع الاقتصادية عصفت بالمواطنين وأجبرت الكثير من النساء لامتهان أعمال لم تكن في حساباتهن.

الشابة سلوى ذات الخمس والثلاثين من العمر، متزوجة ولديها طفلة في الصف الأول، بترت الحرب يد زوجها ومنحته عاهة مستديمة في القدمين، ما أجبر الزوجة على العمل.

وتتحدث سلوى عن معاناة شبه يومية تتعرض لها، فتقول “أخرج من الصباح الباكر مع ابنتي أعرض خدماتي على أصحاب المحلات والمنازل لتنظيفها، وتساعدني طفلتي في التنظيف حيث تحصل أحياناً على أجور إضافية”.

“ولكن المشكلة الحقيقية هي ما يحدث لنا أثناء العمل، فأنا وابنتي نتعرض للتحرش يومياً، وأحدهم عرض علي مبلغا كبيراً من المال مقابل القيام بافعال غير أخلاقية معه، وآخر أخذ يداعب ابنتي بطريقة سيئة أثناء عملي في منزله مما أجبرني على المغادرة حاملة طفلتي ودموعي”.

وفي الجهة الأخرى من المدينة، تجوب أم عاطف، بزيّها الجبلي، شوارع مدينة السويداء حاملة بضائعها فتعرضها على المارة وأصحاب المحال التجارية علّهم يشترونها.

السويداء 24 التقت أم عاطف السيدة الخمسينية، “أنا أم لشابين أحدهما مجند فُقد في الجيش السوري منذ سنوات والآخر عالق في لبنان دون عمل، ولم يبقى في المنزل سواي بعد وفاة زوجي”

مكملة “وبعد أن أوقفت الحكومة راتب ابني والوضع المادي السيء لإبني الآخر قررت أن أعمل في بيع بعض المنتجات دون أن أحتاج أحد أو أن أتسول”.

وتُعدُّ سلوى وأم عاطف، نموذجاً للعشرات من نساء السويداء اللّواتي يسعين بدأب لتأمين قوت أسرهن، ويواجهن صعاب العمل ومخاطر التحرش دون حماية قانونية حقيقية لهنّ.

الباحثة الاجتماعية نورة أشارت للسويداء 24، بأن الكثير من النساء بدأن العمل بالزراعة والحياكة وغيرها من الأعمال اليدوية، حيث يقمن ببيع منتجاتهن لمساعدة أسرهن بعد تردي الأوضاع المعيشية.

مشيرة إلى أن المرأة بقدر حبها للعطاء لا تلقى الدعم المناسب من الجهات المعنية والمجتمع، ودون أي حماية لها من التحرش في أماكن العمل خاصة إن كانت بعمر صغير نسبياً، “فالعديد من الزبائن ينظرون للمرأة العاملة في الأسواق كفريسة سهلة يحاولون اصطيادها”.

وتشير الباحثة إلى أن القانون لايحمي النساء، “غرامة 300 ليرة وسجن إن طال لن يدوم أكثر من يومين لن يكونوا رادعاً لأي متحرش، والمشكلة الأكبر أن الجميع ينظر إلى النساء كسلعة ومن حق الرجال الاستمتاع بها، إن كان بالنظر أو اللفظ ويتجاوزها أحياناً للمس وكيف لا إذا كان المجتمع سيمجّد الجاني ويعاقب الضحية.؟!”

وتردف الباحثة بأن عدد من المنظمات المدنية والأهلية تحاول مساعدة هؤلاء النساء بإرسال مبالغ مالية شهرية لا تزيد عن 10 و 15 الف ليرة شهرياً، لكنها لاتغني عن جوع، فيما لاتزيد نسبة النساء الحاصلات على هذه المعونات عن 30 بالمئة من المحتاجين فقط.

وتكمل الباحثة، “الكثير من النساء ترفض هذه المساعدات لأسباب أهمها أن المبلغ الذي تأخذه لايكفي لأيام قليلة وبالمقابل يتم إرسال الكشوف لمنازلهن واستقصاء أحقية المرأة من المجتمع المحيط بها وأحياناً التقاط صور لهن أثناء قبض المبالغ، الأمر الذي ترفضه الكثيرات ويفضلن العمل الشاق على الذل والهوان.”

ولكن مايزيد الأمر سوءاً تتابع الباحثة: “عدم تحرك الحكومة لحماية المرأة من التحرش أو لتأمين فرص عمل لائقة للنساء بفتح مشاريع اقتصادية كبيرة في المحافظة أو إيجاد الحلول المناسبة لتأمين الحياة الكريمة لهن”.