“هيومن رايتس ووتش” تطالب بالإفراج عن معتقلي مظاهرات السويداء وتوضح تفاصيلها .!

طالبت منظمة “هيومن رايتس ووتش” المتخصصة بالدفاع عن حقوق الإنسان، الحكومة السورية بإطلاق سراح جميع المعتقلين المحتجزين بسبب التظاهرات السلمية في السويداء، وذلك بتقرير صادر عنها اليوم الأحد.

وأكدت المنظمة أنّ قوات حفظ النظام ردّت على مظاهرة في مدينة السويداء في 15حزيران بضرب واعتقال المتظاهرين، “الذين كانوا يحتجّون على تقاعس الحكومة عن معالجة الانهيار الاقتصادي في البلاد”، وفق المنظمة.

وأوضحت المنظمة تفاصيل الاحتجاجات التي قالت إنها انطلقت يوم الأحد 7 حزيران، عندما تجمّع بين 50 إلى 100 شخص أمام مركز المحافظة للاحتجاج على تدهور الظروف المعيشية والفساد، حيث تعيش سوريا أزمة اقتصادية أفضت إلى انهيار الليرة السورية، ما حرم الناس من القدرة على شراء السلع الأساسية، حسب التقرير.

واستندت “هيومن رايتس ووتش” في تقريرها إلى شهادات مدنيين شاركوا في التظاهرات، وناشطَين، وأقرباء لأحد المحتجزين على خلفية تلك المظاهرات.

وأوضحت المنظمة أن مدنيين نظموا تظاهرات أخرى في 8 و9 حزيران، وتشابهت المطالب إلى حدّ كبير، لكنّها شملت أيضا دعوات إلى إسقاط الرئيس “بشار الأسد”، وإنهاء التدخّل الأجنبي من روسيا وإيران.

وأضاف تقرير المنظمة أن القوات الحكومية لم تعرقل المظاهرة، لكن بعد انتهائها، اعتقلت جماعة مسلّحة بملابس عسكرية أحد المشاركين من مكتبة قرب مستشفى العناية في المدينة، وظل مكان وجود المتظاهر المذكور مجهولاً حتى 25 حزيران.

ونُظّمت تظاهرة أخرى حول القضايا نفسها عند الساعة 11:15 صباحا في 15 حزيران في ساحة الكرامة، حيث قام مناصرو النظام بتنظيم تجمّع مؤيد للحكومة في الجهة المقابلة من الساحة، حسب التقرير.

ونقلت المنظمة عن أحد النشطاء الذين شاركوا في التظاهرات قوله، إنّ عناصر حفظ النظام بالبزّات الرسمية وميليشيات داعمة للحكومة تُعرف بالـ”شبيحة” هاجموا المتظاهرين فجأة من الجهة الأخرى للساحة في الساعة 11:30 صباحاً تقريباً، وخرج آخرون من المتاجر ولحقوا بالمتظاهرين.

وتابع المتظاهر: “حاصرونا واعتدوا علينا. ضربونا بعنف، وكان ذلك شنيعا وغير إنساني. اعتقلوا المتظاهرين بعد أن جُرح البعض منهم. رأيت الشباب يُعتقلون ويُضربون بطريقة همجية. ضربونا بعصيهم وأيديهم وأرجلهم. كان عددهم كبيرا”، مضيفاً أن “التظاهرة كانت سلمية وأنّ المتظاهرين لم يشتبكوا مع المؤيدين للحكومة أو الشرطة بأيّ شكل”.

ولفت المتظاهر إلى أن المعتدين شملوا إلى جانب قوات حفظ النظام المسؤولة عن حفظ النظام العام، والتي كان عناصرها يرتدون بزّات مموهة بالأزرق والرمادي ويحملون دروعاً وعصي، ميليشيات مناصرة للحكومة بما فيها “كتائب البعث” -ميليشيا مسلّحة تنتمي إلى حزب البعث الحاكم- حيث أكّد الشهود أنّه رغم ارتداء هؤلاء ملابس مدنية، كانوا يضعون شريطاً أحمر حول أذرعهم، تبعاً لما جاء في التقرير.

ونوهت المنظمة إلى أن صوراً نُشرت في 15 حزيران على حساب فيسبوك يبدو أنّه يعود لكتائب البعث فرع السويداء تظهر أشخاصاً بملابس مدنية يضعون شريطا أحمر حول أذرعهم ويحملون يافطات عليها شعار الكتائب، وقوات حفظ الأمن بملابس مموهة بالأزرق والرمادي، وآخرين ببزّات خضراء داكنة عليها شعارات، يشاركون جميعهم في التجمّع المضادّ للمتظاهرين.

وبينت المنظمة نقلاً عن شقيقة رجل شارك في التظاهرة، أنّ أخاها أخبرها أنّ عناصر الشرطة ضربوه بالعصا على رجليه، وأنّه رأى ثلاثة أشخاص يضربون متظاهراً آخر ويجرّونه إلى باص لقوات حفظ النظام.

وراجعت “هيومن رايتس ووتش” أيضا صوراً ومقاطع فيديو شاركها النشطاء مباشرة، وهي متوفرة على موقع “السويداء 24″، حيث يُظهر أحد المقاطع التي نشرها الموقع على تويتر أفراداً بملابس شرطة معهم دروع، ويضربون المتظاهرين بالعصي في الساحة، بما يتطابق مع روايات الشهود.

وتمكّنت “هيومن رايتس ووتش” من التحقّق من موقع الصور والفيديو بسبب معالم جغرافية أخرى، بما فيها جامع السويداء الكبير ومتجر باسم “جورجينا” في الصور المنشورة على موقع “السويداء 24″، وصفحة فيسبوك لـ”كتائب البعث”.

وقال شهود عيان وأقارب معتقلين للمنظمة، إنّ قوات حفظ النظام اعتقلت تسعة متظاهرين على الأقلّ، حيث وضع المعتقلون في باصات يُعرف أنّها تابعة لقوات حفظ النظام، وأكد أحد الشهود أيضا أنهم “كلّما حاولوا اعتقال أحد، كنّا نسعى إلى إيجاد طريقة للإفلات منهم. دفع الشبيحة وعناصر كتائب البعث صديقي أرضا وأخذوا يضربونه، كانوا أربعة، حاولت أن أمسك بيَده وأشدّه لأخلّصه منهم، لكنني لم أفلح، أخذوا يضربونني أيضا، ولم أعُد أميّز”، في حين هرب بقية المتظاهرين من الساحة.

ودعا النشطاء إلى تظاهرة أخرى يوم 16 حزيران لكنها أُلغيت بعد انتشار كثيف لعناصر الشرطة و”الشبيحة” في مكان التظاهر، وفق سكّان قريبين من الساحة، حيث قالوا إنّ الشرطة اعتقلت طالباً من المكان، حسب التقرير.

وأفاد تقرير المنظمة نقلاً عن أقرباء لمعتقلين، بأنّ مصادر في سجن السويداء المدني أخبرتهم بأنّ الأشخاص الذين اعتُقلوا اقتيدوا إلى هناك، مبيناً أنه في 21 حزيران، أعلن محامٍ عن إحدى العائلات أنّ لجنة أمنية في السويداء تضمّ مسؤولين أمنيين بارزين طلبت نقل جميع المحتجزين، باستثناء واحد، إلى دمشق، على أن يمثل الشخص المتبقي أمام قاضٍ في السويداء.

وفي 25 حزيران قال قريب أحد المحتجزين لـ”هيومن رايتس ووتش”، إنّهم نُقلوا إلى دمشق، في حين لم تتمكّن المنظمة من التحقّق بشكل مستقل من نقل المحتجزين، إلا أن أقارب ونشطاء أكدوا أنّهم قلقون بشدّة من أن يؤدي نقل المتظاهرين المحتجزين إلى دمشق إلى قتلهم أو “إخفائهم”.

وأفاض التقرير، أن على الحكومة أن تفرج عن كافة المعتقلين، كما أن على الحكومة أن تُحقّق في الاستخدام المُفرط للقوة ضدّ المتظاهرين في 15 حزيران، وتُخضع المسؤولين عن ذلك للمساءلة، حسب لمنظمة.

وأشارت “سارة كيّالي”، باحثة سوريا في “هيومن رايتس ووتش” إلى أن “الناس يتظاهرون لأنّهم بالكاد يستطيعون تأمين لقمة العيش، عوضا عن ضربهم واعتقالهم”، معتبرةً أنه “يجدر بالحكومة أن تركّز على معالجة القضايا الكامنة وراء نزولهم إلى الشوارع مرّة أخرى”.

وتابعت “كيّالي”: أنه و”نظرا للتاريخ الوحشي للحكومة السورية، من المدهش أنّ الناس شعروا بدرجة يأس دفعتهم إلى التظاهر. على الحكومة السورية أن تُدرك أنّ المعارضة ستستمرّ، ما دامت تتابع حكمها الفاسد والقمعيّ”، على حد قولها.

يذكر أنه سبق وأن وثقت عمليات تعذيب لمتظاهرين سلميين في سوريا، وإساءة لمعاملتهم، وإعدامات خارج القضاء بحقهم، بما في ذلك في الفروع الأمنية في العاصمة، وفقاً لمنظمة “هيومن رايتس ووتش”.