نقاط عسكرية حرمت مزارعين من أرضهم، وأطراف خارجية تسعى لاشعال الصراع !

تحقيق خاص للسويداء 24 حول الاشتباكات بين فصائل درعا والسويداء.

شهدت محافظتي درعا والسويداء توتراً في الأيام الماضية بعد اندلاع مواجهات عنيفة بين اللواء الثامن التابع للفيلق الخامس الذي يضم مقاتلين من محافظة درعا، وفصائل محلية تضم مقاتلين من محافظة السويداء، في أراضي بلدة القريّا جنوب غرب السويداء.

وأدت المواجهات إلى سقوط ضحايا من السويداء ودرعا، ووقوع عشرات الإصابات من الطرفين، حيث اندلعت الاشتباكات بعد هجوم مباغت من مقاتلين محليين من أبناء بلدة القريّا على نقاط مسلحي الفيلق الخامس المتوغلة داخل أراضي البلدة منذ عدة أشهر.

جذور الخلاف

بداية التوتر كانت يوم السابع والعشرين من أذار/مارس 2020، عندما قتل مسلحو الفيلق الخامس مدنياً يدعى “هشام شقير” من أبناء بلدة القريّا، والذي كان متواجداً في الأراضي الزراعية الواقعة غربي البلدة، بعدما حاول المسلحون خطفه بحجة اختطاف مدنيين من مدينة “بصرى الشام” هما “نضال العوض” و “خلدون الحسن”.

ورغم أن “شقير” ليس له أي صلة بعصابات الخطف وفق شهادات أهالي بلدته الذين تحدثت معهم “السويداء 24″، إلا أن الفصائل المسلحة في درعا والسويداء اعتادت على خطف مدنيين من المحافظتين كوسيلة للضغط، فعندما تخطف عصابة من درعا مواطناً من السويداء، تُقدم فصائل مسلحة من درعا على خطف مدنيين من السويداء بشكل عشوائي، وتجبر ذويهم في السويداء على دفع لفدية للعصابة، والعكس صحيح.

وبعد مقتل “شقير” تقدمت مجموعات محلية مسلحة من أبناء بلدة القريّا لإجراء عمليات تمشيط في المنطقة التي قتل مسلحو الفيلق فيها المدني، إذ تفاجئوا بكمين نصبه عناصر الفيلق الخامس في منطقة “الغدير” داخل أراضي بلدة القريّا من الجهة الغربية، لتدور اشتباكات بين الطرفين استمرت عدة ساعات، سقط خلالها 15 مقاتلاً من أبناء بلدة القريّا والقرى المجاورة لها. اتهم ذوي 6 من الضحايا الفيلق الخامس بتصفية ابنائهم بعد وقوعهم بالأسر.

https://suwayda24.com/?p=13461

الفيلق الخامس يتوغل في أراضي القريّا

توغل مسلحو الفيلق الخامس ضمن أراضي القريّا بعد انتهاء الاشتباك الأول أواخر آذار/مارس بمسافة تتراوح بين 2 إلى 4 كم، ورفعوا سواتر فيها ومنعوا مزارعي القريّا من دخولها، رافضين الانسحاب منها، وبعد مرور شهر اشتبك مسلحو الفيلق مع مزارع يدعى “فراس مليح” حاول الوصول إلى أرضه أواخر شهر نيسان/ابريل، حيث فارق “فراس” الحياة، وأصيب عنصرين من الفيلق.

https://suwayda24.com/?p=13727

وجهاء من بلدة القريّا عقدوا عدة اجتماعات خلال الأشهر الماضية، مع مسؤولين من السلطة السورية، والقوات الروسية أيضاً، وطلبوا خلالها انسحاب مسلحي الفيلق من أراضي البلدة، ومحاسبة المسؤولين عن أحداث 27 أذار قانونياً، وقد قدمت السلطات السورية والقوات الروسية وعوداً عديدة بهذا الشأن، إلا أن السلطات السورية والروسية لم تنفذ أي من وعودها لأهالي القريّا.

https://suwayda24.com/?p=14631

مطلع شهر أيار الماضي وصلت الشرطة العسكرية الروسية إلى أراضي بلدة القريّا وأشرفت على انسحاب جزئي لمسلحي الفيلق من الأراضي، وازالة بعض السواتر، إلا أن القوات الروسية انسحبت قبل اتمام انسحاب مسلحي الفيلق من كامل أراضي القريّا، إذ عادوا للانتشار فيها، وكان اللافت في الأمر أن مزارعي البلدة لم يستطيعوا الوصول إلى أراضيهم وحصادها حتى اتت قوة عسكرية روسية وسهلت وصولهم إلى أرضهم الصيف الماضي.

https://suwayda24.com/?p=13967

الهيئات الروحية توقف نشاطات مشبوهة لحزب الله

كشفت السويداء 24 في تحقيق خلال شهر آب/أغسطس الماضي، عن نشاطات مشبوهة لمليشيا حزب الله اللبنانية، من خلال تقديم دعم لوجستي لفصيل الدفاع الوطني، حيث قام الفصيل بتوزيع السلاح في بلدة القريّا، وعزز نقاطه في المنطقة بأسلحة ومدافع هاون، في استغلال لحالة التوتر التي تشهدها المنطقة واستياء أهالي بلدة القريّا من تمادي “أحمد العودة” وعدم قبوله الانسحاب من أراضي البلدة.

https://suwayda24.com/?p=15008

وقد أثار التحقيق ونشاطات الحزب المشبوهة استياء بين الأوساط الدينية والاجتماعية في السويداء، حيث رفض وجهاء المحافظة أي دور لحزب الله في المنطقة، حيث صدر توجيه عن الرئيس الروحي لطائفة المسلمين الموحدين الدروز سماحة الشيخ حكمت الهجري جاء فيه “نحن طائفة أدرى بشعابنا و لا نحتاج لشد ازرنا من مغرض في الخارج ، فنحن لا ننتمي لفئة بعينها بل نحن اصحاب ارض وننتمي لوطن عريق نحن فيه نسيج وجزء من مكوناته”…

وعلق مصدر مقرب من الرئاسة الروحية في تصريح السويداء 24 حينها، أن التوجيه هو رسالة للأطراف التي تسعى لإثارة الفتنة في الجنوب السوري، والتدخل في شؤون محافظة السويداء بغية تنفيذ أجندات مشبوهة، وخصوصاً الأطراف غير السورية، وهي تأكيد على أن جبل العرب لن يكون ممراً لأي طرف خارجي.

“أحمد العودة” يهدد السلم الأهلي في المنطقة

حصلت مفاوضات عديدة بين وجهاء محافظة السويداء من جهة ووجهاء محافظة درعا من جهة أخرى، في الفترة الممتدة بين شهر نيسان/ابريل وحتى حزيران/يونيو لاحتواء التوتر في بين منطقتي بصرى الشام والقريّا، حيث صدرت بيانات من الجانبين تدعوا للحفاظ على السلم الأهلي وعدم توريط المنطقة باقتتال جديد.

وتشير مصادر السويداء 24 إلى أن وجهاء محافظة السويداء طلبوا عدة مرات من وجهاء محافظة درعا، انسحاب مسلحي الفيلق الخامس بشكل كامل من أراضي بلدة القريّا، كبادرة لنزع فتيل الأزمة في المنطقة، إلا أن “أحمد العودة” قائد اللواء الثامن في الفيلق الخامس رفض الانسحاب، مما أدى لزيادة الاحتقان في المنطقة.

أبناء القريّا يتجهون للسلاح بعد فشل الوساطات المحلية

صباح يوم الثلاثاء 29/9/2020، نفذ أصحاب الأراضي ومقاتلون محليون من أبناء القريا هجوماً على النقاط التي زرعها الفيلق في أراضي القريّا الزراعية، واستطاعوا استعادتها قبل أن يتوقفوا عن التقدم باتجاه مناطق سيطرة الفيلق، بعكس الرواية التي قالتها مواقع موالية للفيلق على أن الهجوم يستهدف بصرى الشام.

وقد شاركت حركة رجال الكرامة في التمهيد للهجوم بالأسلحة المتوسطة عبر محوري تل “الزقاق” و”بُرد”، إذ تمكن المهاجمون من استعادة النقاط في الساعات الأولى من المعركة، وكانت مشاركة فصيل “الدفاع الوطني” خجولة خلال المعركة، حيث لم يستخدم أسلحته الثقيلة، وغابت الكثير من الفصائل المحلية عن الاشتباكات، رغم توافد مئات المقاتلين من أبناء السويداء بشكل عشوائي إلى ساحة المعركة.

إلا أن مسلحي الفيلق الخامس نفذوا هجوماً مضاداً على النقاط التي خسروها، وتمكنوا من استرجاعها بعد 5 ساعات، من خلال قصف مكثف بمدافع الهاون والقذائف الصاروخية، والاعتماد على غزارة النيران من الرشاشات الثقيلة، فيما كان واضحاً غياب التنسيق والخبرة من فصائل السويداء، التي اعتمدت على مبدأ “الفزعة”، أي التوجه إلى ساحة المعركة بدون أي تنسيق منظم، فضلاً عن تفوق الفيلق بالأسلحة والعتاد.

واستهدف مسلحو الفيلق خلال المعركة بقذائف الهاون منطقتين مأهولتين بالمدنيين، بلدة القريّا وقرية بُرد، مما أدى لأضرار مادية، فيما لم يسجل سقوط أي قذيفة في مدينة بصرى الشام، ما ينفي الرواية التي أشاعها الفيلق الخامس أن هجوم الفصائل المحلية استهدف مدينة بصرى الشام.

https://suwayda24.com/?p=14996

مفاوضات لانسحاب مسلحي الفيلق وانتشر الجيش

قال مصدر مطلع للسويداء 24 أن مشيخة عقل الطائفة والزعماء التقليديين رفعوا برقية إلى القصر الجمهوري طلبوا فيها تدخل الجيش السوري والانتشار بين محافظتي درعا والسويداء، وإجبار مسلحي الفيلق الخامس على الانسحاب من أراضي بلدة القريّا، حيث تشير المعلومات إلى أن وحدات من الجيش ستنتشر بين ريفي درعا والسويداء خلال الأيام القادمة.

كذلك تواصل الرئيس الروحي للطائفة الدرزية فضيلة الشيخ “موفق طريف” في فلسطين المحتلة مع أعلى المستويات في السلطات الروسية، إذ تلقى وعوداً من الروس بوقف إطلاق النار جنوب غرب السويداء، وإجبار مسلحي الفيلق الخامس على الانسحاب إلى مواقعهم في مدينة بصرى الشام جنوب شرق درعا.

تجدر الإشارة إلى أن محافظتي درعا والسويداء شهدتا منذ بداية الصراع في سوريا محاولات لزعزعة الاستقرار بين الجارتين، إلا أن وعي العقلاء على الجانبين والعلاقات المتينة التي تربط السهل والجبل كانت دائما تطغى على محاولات إثارة الفتنة.