خطر التحرش يتربص بالمراهقين.. 75 ليرة عقوبة المتحرش

تغيب القوانين الرادعة فعلياً لحالات التحرش والابتزاز الإلكتروني الذي يتربّص بالقُصّر وسط منتديات وتطبيقات للدردشة المُتاحة في سورية بين أشخاص مجهولي الهوية، وذلك بعيداً عن أنظار أهالي هؤلاء اليافعين.

وقالت إحدى اليافعات للسويداء 24، إنّ فضولها دفعها لدخول أحد هذه المواقع المتداولة بين أصدقائها، إلّا أن محتوى الموقع والأحاديث المتداولة كان صادمة بالنسبة لها، حيث تسود سلوكيات غريبة في مثل هذه المواقع كالعلاقات الجنسية الشاذة.

فيما بيّنت أُخرى، أنها ما لبثت أن أدخلت اسم وهمي وحددت الجنس أنثى وسجلت الدخول إلى موقع للدردشة حتى انهالت عليها عشرات الرسائل ذات المحتوى الجنسي كتابةً أو صوراً، فيما دعاها آخرون للقائهم في الواقع، أو إرسال صور عارية لجسدها.

وأكدت الفتاة، أنّها خرجت من الموقع متمنّعة عن فعل ذلك، حيث كانت ترغب فقط بمعرفة المزيد حول العلاقات الجنسية، لعدم وجود مصدر آخر غير الانترنت لتزويدها بمثل هذه المعلومات، فعائلتها ترفض أي نقاش بمثل هذه الأمور ولو كان في سياق الاستفسار.

الخوف من الفضيحة يُرضِخ ضحايا الابتزاز للمجرمين.!

واجهت مراهقات الابتزاز بصور لهن خادشة للحياء، كانت بعضهن قد أرسلنها لشبان أوهموهن بالحب، وأخريات كُنّ ضحية صور مُفبركة لهن، لكن جميعهن كانوا بأعمار صغيرة وتلقين الرجم من مجتمع تعوّد أن يحاسب الضحية ويسامح الجاني.

وقالت فتاة في 16 من العمر للسويداء 24، إنها تعرفت عبر الإنترنت بشاب من السويداء ادعى أنه مُعجب بها لكنه يرغب بالتعرف عليها ورؤية صور أكثر لها قبل أن يتقدم لخطبتها، وبعد أن أرسلت له عدة صور لها، طلب رؤيتها في مقهى مُغلق، وعندما رفضت بدأ بتهديدها بنشر الصور على مواقع التواصل الاجتماعي إذا لم ترضخ لمطالبه، إلّا أنها لجأت لصديق لها قام بتهديد المُبتز بالقوة حتى تراجع عن تصرفه، وذلك دون إعلام ذويها.

هذا ورصدت السويداء 24 أكثر من 10 حالات ابتزاز لفتيات من السويداء خلال الأشهر القليلة الماضية لجأن لحل المشكلة بطرق مختلفة، فمنهن من رضخن لمطالب الشخص الذي يمارس الابتزاز، وأخريات قصدن شخصيات معروفة في المجتمع لمساعدتهن مع تفضيلهن عدم معرفة أهاليهن بالمشكلة، أما بعضهن القليل فعل العكس باللجوء للأهل، لكن لم تلجأ أياً منهنّ للقضاء “خوفاً من الفضائح”.

كيف نحمي اليافعين من الانجرار وسط تلك المتاهات.!

وباستشارة أخصائية في التربية والإرشاد النفسي أكدت للسويداء 24، أنّ مواقع كثيرة تحاول اجتذاب المراهقين للقيام بسلوكيات غير قويمة، حيث يلجأ المراهق لمثل هذه المواقع بدافع الفضول ليجد نفسه ضحية للتحرش الجنسي.

مضيفة، أنّ دور الأهل يُعد أساسياً في حماية الطفل من هذه المواقع، فتلبية رغبة الطفل في المعرفة إحدى أهم السبل لحمايته، بينما يلجأ المراهقون لمثل هذه المواقع أحياناً لملأ الفراغ العاطفي الذي يعانون منه ما يزيد خطورة هذه المواقع عبر التأثير على النمو العاطفي والنفسي للفرد.

وأوضحت، أن هذه المواقع تضع الطفل امام التحرش الجنسي والأفكار المتطرفة والغريبة عن مجتمعنا، وذلك كله بغياب رقابة الأهل الواعية، بينما يظن البعض أن الرقابة تكمن بتفتيش هاتف اليافع وخرق خصوصيته بحجة الخوف عليه، إلّا أن ذلك سيدفعه لابتكار أساليب جديدة لحماية خصوصيته ويزيد صعوبة التواصل بين الأهل والأبناء فلا يحل المشكلة.

متابعة، أن الحوار مع الأبناء في سن المراهقة حول الأمور الجنسية ضروري ليتم توعيتهم من الأهل حول كيفية التعاطي مع العلاقات الجنسية، وحماية أنفسهم من التحرش سواء إلكترونياً أو واقعياً، ومحاولة اكتشاف تعرضهم لمثل هذه الأشياء بالحوار معهم وبهدف ترميم الضرر الواقع عليهم بالدعم النفسي وتصحيح المفاهيم الخاطئة لديهم لا محاسبتهم.

وأردفت ، أن المراهقين المرتادين لمثل هذه المواقع والذين يحتاجون غالباً لحنان الأهل ويعانون من الفراغ العاطفي، فأفضل السبل لإبعادهم عن هذه المواقع تكمن في الاحتواء العاطفي وملئ وقت الفراغ لدى المراهق بأمور ترفيهية يرغبها وتعود عليه بالفائدة، مع الابتعاد عن أساليب المنع والعقاب.

القانون السوري لا يحمي الضحايا والتوعية لا بدٌ منها.!

ويقول مختص بالشأن القانوني للسويداء 24، إن عقوبات التحرش والابتزاز الجنسي سواءً على أرض الواقع أو إلكترونياً لا ترقَ لمستوى الضرر الذي يتركه مرتكب الفعل بالضحية سيما وإنْ كان ضحيته قاصراً، فالأذى النفسي قد يتسبب بإقدام الضحية على الانتحار أو مواجهة عقوبات اجتماعية  مدى الحياة في حال تحققت الفضيحة، وذلك بحسب مفاهيم سائدة بين فئات من مجتمعنا تتوق لمعاقبة الضحية عوضاً عن الجاني.

مضيفاً، أنّ المادة رقم 506 من قانون العقوبات أشارت إلى عقوبة عرض عمل منافي للحياء أو توجيه كلام مخل بالحشمة إلى قاصر أو امرأة بالحبس التكديري لمدة ثلاثة أيام، مع غرامة مالية لا تزيد عن 75 ليرة.

وأكمل، أن القانون نصّ على عقوبة للابتزاز أيضاً في المادة 636 من قانون العقوبات بالحبس لمدة لا تتجاوز السنتين مع غرامة مالية لكل من هدد شخص بفضح أمر ينال من قدره أو من قدر أحد أقاربه من أجل إجباره على جلب منفعة له أو لغيره غير مشروعة.

مؤكداً، أن الحد الأدنى للعقوبات السابقة يُضاعف إذا ارتكبت هذه الأفعال باستخدام الانترنت أو جهاز حاسوب أو أي نظام معلوماتي، وفق المادة 28 من المرسوم رقم 17 لعام 2012 الخاص بمكافحة الجريمة المعلوماتية.

وختم، بأن القانون لم يخص التعدي على القاصر بالتحرش والابتزاز بعقوبات مشددة فساواه بالبالغ، ما يشكل ثغرة يجب سدها لضمان حقوق الطفل في نمو سليم ولردع المتحرشين من استغلال الأطفال إلكترونياً أو في الواقع، إضافة إلى توجيه المجتمع لوجوب فضح هذه الجرائم ومناصرة الضحايا لتحفيزهم على تقديم الشكاوى القضائية ومحاسبة المتحرش والمُبتز.