تهدد المخدرات حياة ومستقبل الشباب في السويداء بالضياع مشكّلة منبعاً مبرمجاً لسيادة الجريمة وتدهوراً متسارعاً للجيل المُقبل يضمن إضعاف همته وتبديد قواه.
حكايا متورطين في المخدرات من قلب الحدث.!
وبدأت حكاية الديلر “ن.أ” من وفاة والديه ليُقبل على تعاطي مادة الحشيش المخدر والأمفيتامين ثم يتاجر بها، حيث أخبر السويداء 24، أنّ كافة المواد المخدرة تصل إلى السويداء من دمشق وتمر عبر نقاط التفيش الأمنية بكل أريحية.
مضيفاً، أنّ أنواع الأمفيتامين المنشط من “الشبو” و”الكبتي” رائجة أيضاً في السويداء وهي مواد مخدرة من صُنع إيراني، تبدأ أسعار الحبة الواحدة منها من 100 ليرة سورية ما يجعلها تتواجد بكثرة بين يدي المراهقين والأطفال من طلاب المدارس، عدا عن رواج الزولام والهيغزول وغيرها.
وأوضح “ن.أ” أنه عزم على الإقلاع عن الإدمان عدة مرات، إلّا أنه وفي كل مرة كان يعاني من انعدام العمل تنتكس حالته ليعود للتعاطي المادة إلّا أنه أوقف الإتجار بها بعدما رأى آثارها المُهينة على أكثر شخص يعرفه.
بينما بيّن طالب جامعي رفض ذكر معلومات شخصية عنه، أنه تورط بتعاطي مادة الحشيش المخدر فخسر تعليمه، وذلك بعدما تم القبض على أحد أصدقائه الذي اعترف للشرطة بشرائه مادة الحشيش المخدر منه، مما جعله يواجه تهمة الإتجار بالمخدرات دون أن يفعلها حيث ترك جامعته وبقي في منزله خوفاً من العقوبة التي من المحتمل أن يواجهها بعد اعتقاله على أحد الحواجز.
فيما يُجمع ناشطون على أن “حزب الله” هو الراعي الرسمي لتهريب الحشيش من لبنان إلى الأردن عبر السويداء حيث يتم تعبئة المادة بصفائح وإدخالها إلى سورية ثم تتم تجزئتها إلى كميات أصغر تدعى كفوف الحشيش ويتراوح سعر الكف الواحد حوالي بين 70 و100 ألف ليرة.
طبيب يناقش حالات الإدمان على المخدرات.!
وفي لقاء السويداء 24 مع طبيب مطلع على حالات الإدمان في السويداء قال، إنّ حالات تعاطي المخدرات متزايدة في السويداء، حيث يكثر رواج مادة الأمفيتامين والزولام وكذلك مادة الحشيش المخدر، بينما يواجه الأطباء طلبات من شبان بحجج مختلفة لصرف دواء الترامادول والبيوغابالين الذين يسببان الإدمان.
موضحاً، أنّ تعاطي منشط الأمفيتامين يؤدي لفرط الحركة وميل الفرد لارتكاب أعمال العنف غير المبررة ما يزيد معدل الجريمة في المجتمع، أما الزولام فقد يتسبب لمتعاطيه بغيبوبة وانخفاض شديد في معدل التنفس ناهيك عن زيادة مشاكله الاجتماعية ونقص تحصيله العلمي والعملي مع حاجته الدائمة للمال ما قد يدفعه للسرقة وجرائم أخرى.
وأضاف، أنّ علاج حالات الإدمان تختلف من حالة لأخرى وبحسب المادة التي تسبب الإدمان، فيما تحمل جميع هذه المواد أخطاراً صحية جسيمة، وينقلب تأثيرها بمجرد الإدمان عليها فيشعر المتعاطي بحاجة لكمية أكبر حتى يصل للنشوة المرغوبة من قبله، بينما يزيد فتك المادة بالجسد كلما زادت الكمية.
لافتاً إلى أن الأطباء يجب أن يكونوا حذرين في التعامل مع علاج هذه الحالات حيث يُمكن أن يؤدي العلاج الخاطئ للنكس أو إدمان مواد أخرى، فيما يجب التشديد على الصيادلة بسحب وصفات الأدوية المخدرة حتى لا يتم استخدامها مجدداً من قبل المتعاطي وهو خطأ موجود بكثرة في الصيدليات.
ما هي عوامل تحفيز الشبان على التعاطي.؟!
بينما قال معالج نفسي خبير في حالات الإدمان للسويداء 24، إنّ إقدام الشباب على تعاطي المخدرات يعود لأسباب عديدة منها ما هو فردي يتعلق بالحالة النفسية للمُقدم على تعاطي المخدرات كالذين يعانون من نوبات الاكتئاب أو فقد أحد المقربين منهم.
مضيفاً، أن بعض أسبابها تعود إلى الأسرة والمجتمع المحيط بالفرد، مثل تعاطي أحد الأبوين للمخدرات أو تعنيف الأبناء، وكذلك عدم اعتراف الأسرة بحالة ابنهم المرضية عند معاناته من الاكتئاب وبالتالي عدم التعاطي معها بالشكل الصحيح وعلاجها يمكن أن يلجأ الابن عندها للمخدرات كبديل للهروب من معاناته.
وأكمل، أنه لا يمكن أيضاً تجاهل عمليات الترويج للمخدرات عبر الإعلام أو الأغاني والمسلسلات أحياناً كتصوير مدمن الحشاش بشخصية فكاهية محبوبة غير متأثرة جسدياً بهذا الإدمان، وكذلك زيادة توافر المواد ساهم أيضاً في زيادة عدد متعاطيها.
مؤكداً على ضرورة تخليص المجتمع من المواد المخدرة الرائجة والتي تترك أثراً جسدياً ونفسياً خطيراً على جسد المتعاطين، حيث تزيد المخدرات من الإصابات بالأمراض النفسية الفصامية وكذلك تزيد من الهلوسات والوساوس ونوبات الاكتئاب الحاد والأفكار الانتحارية.
القانون يعاقب دون إصلاح للمتعاطين.!
وانتقد أحد المحامين في حديثه للسويداء 24 تعاطي القانون مع جرائم المخدرات، حيث قال إنّ القوانين المنصوصة لمحاكمة مرتكبي جرم تعاطي المخدرات لا تسهم بإصلاح المتعاطي، حيث يكون الحكم بمثابة عقوبة دون أي هدف إصلاحي يمنع المتعاطي من تكرار فعلته.
موضحاً، أنّ إثبات تعاطي المواد المخدرة يقود بالمتعاطي للسجن المؤقت مع غرامة مادية تتراوح بين 100-500 ألف ليرة سورية، بحسب المادة 43 من قانون المخدرات، دون أي فرض لإجراءات إصلاحية وعلاجات نفسية وجسدية.
مضيفاً، أن التسهيل لتعاطي المخدرات يحاسب مرتكبيه باعتقال لا يقل عن 10 سنوات، مع غرامة مادية تتراوح بين 500 ألف إلى 2 مليون ليرة سورية، وفقاً للمادة 42 من قانون المخدرات، فيما يعاقب بالإعدام كل من شارك في تهرب أو تصنيع أو زرع أي نوع من النباتات المخدرة، بحسب المادة 39 من قانون المخدرات..
وتابع، أن العقوبة تزداد في حال كانت حيازة المخدرات بقصد الإتجار حيث تنص المادة 40 من قانون المخدرات على معاقبة تاجر المخدرات بالاعتقال المؤبد مع غرامة مالية تتراوح بين 1-5 مليون ليرة سورية.
باحث اجتماعي.. لا جدوى من محاسبة صغار التجار مادام خط التهريب مستمر.!
ويقول أحد الباحثين في الشأن الاجتماعي للسويداء 24 حول انتشار المخدرات بين أيدي اليافعين والشباب في السويداء، إنّ رواج المواد المخدرة بشكل متزايد في السويداء لا يمكن تحميل مسؤوليته لصغار تجارها فقط وتجاهل المسؤولين عن إدخالها إلى المحافظة والأسباب التي تدفع الشبان لتعاطيها.
مضيفاً، أن الأهالي في السويداء يحاولون محاربة ظاهرة المخدرات المنافية للأعراف الاجتماعية والأخلاقية بمعزل عن الحكومة التي تكتفي بإلقاء القبض على شبان بمقتبل العمر بين الحين والآخر وتقديمهم للقضاء على أنهم تجار للمخدرات متجاهلة المسؤول عن إيصال المخدرات لأيديهم أو حتى ضياع مستقبلهم دون تصحيح في المجتمع.!
ورأى المتحدث، أنّه لا جدوى من استخدام العنف مع صغار التجار لقمع الإتجار بالمخدرات، ما دام هذا العنف غير مقترن مع سبل لمساعدة الشباب المدمنين على التخلص من هذه الآفة، كما مازالت الحكومة غير آبهة بإيقاف خط إمداد السويداء بالمخدرات ما يسمح بتوفيرها.
وبالرغم من كل الجوانب المُظلمة لقضية تعاطي المخدرات ودوافعها وعواقبها وعقوباتها وافتقار المجتمع لسبل العلاج السليمة وكذلك انعدام الضوابط الأمنية لحماية جيل الشباب من الانتشار الواسع للمادة، لكن يبقى قرار إيقاف التعاطي بيد المتعاطي ذاته، وتُحكم استمراريته بتلقي الدعم من المحيطين واتباع الأساليب الطبية الصحيحة.