ملف القريّا إلى الواجهة بعد فشل المبادرة الروسية.. وأخر التطورات

تحقيق السويداء 24 _ عاد ملف بلدة القريّا إلى الواجهة مجدداً، بعد فشل مبادرة روسية لإنهاء حالة التوتر بين الفلاحين وعشائر البدو من أبناء البلدة، وحل الخلافات بينهم.

فصائل القريّا تتمسك بمطالبها وتفوض ممثلاً عنها

قال مراسل السويداء 24، إن مجموعة من الفصائل المسلحة المشكلة من أبناء بلدة القريّا، اجتمعوا في صرح المغفور له “سلطان باشا الأطرش”، صباح أمس الجمعة، وقرروا تفويض السيد “مهند زيد الأطرش” بمتابعة ملف القريّا، وتمثيلهم في أي مفاوضات قد تحصل.

وأضاف المراسل أن الاجتماع ضم عناصر “القطاع التاسع” التابع للدفاع الوطني، وممثلاً عن فصيل “غيارى القريا” الذي يعتبر الفصيل الأكبر في البلدة، ويضم ثلاث مجموعات، إضافة إلى عناصر من بقية الفصائل في البلدة، وعدد من الفلاحين الذين تضررت أراضيهم.

مشيراً إلى أن المجتمعين من أبناء البلدة جددوا المطالبة بوقف الاعتداءات المتكررة على الأراضي الزراعية، وتعويض الخسائر التي طالت محاصيلهم جراء الرعي الجائر، مؤكدين على مطالبهم وشروطهم، مقابل التوصل لاتفاق لإنهاء التوتر وعودة المهجرين من عشائر البدو إلى منازلهم.

رفض المبادرة الروسية

وكان مركز المصالحة الروسية في دمشق، قد اقترح مبادرة بعد عقده سلسلة لقاءات مع ممثلين عن فلاحي بلدة القريّا، وممثلين عن عشائر البدو، خلال شهر نيسان/أبريل الحالي، كانت تنص على حضور الطرفين في اجتماع بمركز المصالحة الروسية، والتفاوض على إنهاء الملف دون قيد أو شرط.

وتشير مصادر السويداء 24 إلى أن السيد “مهند الأطرش” وهو من أبرز وجهاء البلدة، وابن شقيق المغفور له “سلطان باشا الأطرش”، كان على رأس الرافضين للمبادرة الروسية، ومتمسكاً بشروط أهالي البلدة، وهذا ما دفع العديد من أبناء القريّا للالتفاف حوله.

وكان “الأطرش” من ضمن أعضاء الوفد الممثل لأهالي القريّا وعائلات الضحايا، الذي تشكل منذ العام الماضي، عقب الأحداث الدامية، والاشتباكات مع “اللواء الثامن” التابع للفيلق الخامس.

وأكد مصدر مقرب من السيد “مهند” للسويداء 24، أنه ما زال على تواصل مع جميع الأطراف، نافياً ما أشيع عن وجود نوايا للتصعيد، فالجميع متفق في البلدة على حسن الجوار وأنه مهما طال الزمان فإن المياه ستعود إلى مجاريها بين جميع المكونات، ولكن هناك إصرار من معظم أهالي البلدة على التمسك بشروطهم، في عدم عودة المتورطين بالدماء إلى أراضي البلدة.

جذور الخلاف بين البدو والفلاحين

تعود جذور المشكلة بين فلاحي القريّا وعشائر البدو إلى أواخر شهر آذار/مارس 2020، عندما نشبت اشتباكات بين مقاتلين من بلدة القريّا، ومقاتلين من مدينة بصرى الشام يتبعون للفيلق الخامس، وأدت لخسائر بشرية في صفوف الطرفين، حيث اتهم مقاتلو القريّا أفراداً من عشائر البدو بالمشاركة إلى جانب “الفيلق”.

ويقول أفراد من عشائر البدو، إن مقاتلي بلدة القريّا قاموا بتهجيرهم من منازلهم، عقب معركة آذار، معتبرين أن من حقهم العودة دون شروط، وهذا ما أبلغوا فيه الجانب الروسي خلال اجتماع عقد في مدينة بصرى الشام منتصف الشهر الحالي.

وقد عادت حالة التوتر إلى أراضي القريّا الغربية منذ شهرين، بعد حدوث مناوشات بين الفلاحين والبدو، تطورت في بعض المرات لاشتباكات، جراء اعتداءات متكررة من بعض أفراد البدو المسلحين على الفلاحين أثناء عملهم بأراضيهم الزراعية، وتقصد الرعي الجائر في المنطقة، مما أعاد الملف إلى الواجهة، بعد فترة من الهدوء أواخر العام الماضي.

ما دور “اللواء الثامن”

يعتبر ما يسمى باللواء الثامن التابع للفيلق الخامس والذي يتزعمه “أحمد العودة”، وهو من فصائل المعارضة المسلحة سابقاً في مدينة بصرى الشام المجاورة لبلدة القريّا، ويعد الفصيل المذكور من أبرز الأطراف في هذا الملف.

وبعد الاشتباكات التي حصلت بينه وبين فصائل القريّا والسويداء خلال العام الماضي، على مرحلتين، تم التوصل إلى اتفاق فض اشتباك، كان الفيلق طرفاً فيه وتعهد بعدم حصول أي خروقات أمنية من جهته، بعد انسحابه من أراضي القريّا، مقابل الالتزام بنفس الخطوة من فصائل القريّا من الجهة المقابلة.

وعقب الاتفاق حصلت مفاوضات بين وجهاء من السويداء ووجهاء من درعا، في محاولة للتوصل إلى صلح عشائري بين أبناء القريّا وأبناء بصرى الشام، لكن المفاوضات تم تعليقها دون التوصل لاتفاق جديد، مما أبقى الملف معلقاً، وازداد تعقيداً مؤخراً بعد تجدد التوتر بين الفلاحين وعشائر البدو.

“اللواء الثامن” إلى بادية حمص

مصدر مطلع في مدينة “بصرى الشام” قال للسويداء 24 إن فعاليات المدينة من الوجهاء والفيلق الخامس، يحاولون السعي لعدم حدوث أي صدامات جديدة في المنطقة، من خلال التواصل والتنسيق المستمرين مع وجهاء السويداء وفعالياتها الاجتماعية.

وأكد المصدر أن ما أشيع عن اتفاق بين روسيا والفيلق الخامس لتسليم الأخير نفوذ درعا ومعبر “نصيب” غير دقيق، مؤكداً أن حوالي 400 مقاتل من عناصر الفيلق توجهوا على مرحلتين إلى بادية “حمص”، بتنسيق مع القوات الروسية، لتمشيط المنطقة التي تشهد نشاطاً لتنظيم داعش الإرهابي، بمهمة محددة لمدة أسبوع قابل للتمديد.

لافتاً إلى أن المهمة المحددة لهم بعيدة عن ريف السويداء الشرقي وباديتها، وتتركز في منطقة “السخنة” ببادية حمص، وأضاف أن المفاوضات الروسية مع “الفيلق” كانت منذ العام الماضي للتوجه إلى البادية، وكان هناك ضغوط روسية لطلب انضمام اللواء الثامن، إلى “الفيلق الأول” التابع للجيش السوري، والمنتشر في المنطقة الجنوبية، لكن قيادة الفيلق رفضت، وهذا ما يبدو أنه دفعها لقبول إرسال مقاتلين إلى البادية.

يذكر أن ملف القريّا بات من أكثر الملفات حساسية في الجنوب السوري، وفق مهتمين بالشأن العام، ويحتاج إلى جهود إضافية من المجتمع المحلي، لوأد الفتنة وإحلال السلم الأهلي في المنطقة، بعيداً عن أصوات التجييش، فأي دماء جديدة قد تُهرق ستكون خسارة للجميع، في قضية مهما طال الزمن ستكون نهايتها الحل والتوافق بين الجميع الأطراف.