وثقت السويداء 24 انتحار طفلين من السويداء جرّاء ممارستهم ألعاباً إلكترونية قاتلة تدفع الأطفال والمراهقين لإيذاء أنفسهم والتنكيل بأجسادهم كجزء من اللعبة، ما يجعل من هذه الألعاب خطراً يهدد الأطفال وسط خلل في الرقابة الأبوية وتزايد الانفتاح على التكنولوجيا.
تطبع العنف كصورة مقبولة لدى الأطفال
ويعلّق طبيب استشاري في الصحة النفسية على خطورة هذه الألعاب في حديثه للسويداء 24 قائلاً، إنّ الأطفال والمراهقين ينجذبون إلى كل ما فيه تحدي وإثارة ظناً منهم أنهم يكونون بذلك قد حققوا استحقاقات جديدة تُظهرهم بشكل أقوى و أنضج، في الوقت الذي يترجم آخرون ميولهم للعدوانية بذلك.
موضحاً، أنّ الألعاب العنيفة تسهم بطبع صور العنف في تفكيره كصورة نمطية مُعتادة، فتدفع الأطفال لممارسة العنف أيذاء أنفسهم عبر محاولات الانتحار التي تنجح أحياناً أوإيذاء الآخرين، فيما تخترق بعض الألعاب خصوصيات الطفل وتعرّضه للابتزاز، ما يترك أثر سلبي في نفس الطفل وقد يلجأ للانتحار بسبب ذلك.
ويُضيف الأخصائي، أنُ مسؤولية الآباء تختلف باختلاف عمر الطفل ففي عمر ما قبل المراهقة يجب على الأهل مراقبة أطفالهم عن كثب واستخدام برامج مخصصة لتحديد الألعاب والمحتوى الذي يتلقاه الطفل، أما في سن المراهقة فلا نفع بالتضييق على المراهق إنّما توعيته والتواصل المستمر معه لمعرفة أفكاره وتعديلها دون اللجوء للعنف بكافة الأحوال.
مؤكداً، أنّ كثيرين لجأووا إلى تداول أسماء الألعاب والتعريف بالتحديات التي تطلبها كل لعبة ظنّاً منهم بأنهم ينشرون التوعية، إلّا أن ذلك يزيد انتشارها عبر تحفيز المراهقين على تجربة تحدياتها المذكورة، فيما يوجّه آخرون اتهامات بالتقصير للأهل، إلّا أن كثير من الأهالي لازالت غير مواكبة للتكنولوجيا فلا يدركون أهمية التوعية في هذا المجال قبل تسليم الطفل هاتف محمول.
إدمان الجوال آفة عصرية يواجهها الأطفال
إلّا أنّ الألعاب الإلكترونية القاتلة ليست المشكلة الوحيدة لانتشار الهواتف الخلوية بين الأطفال، حيث تلجأ بعض الأمهات لإشغال طفلها بمنحه هاتفها المحمول ثم ما يلبث الطفل أن يكبر حتى يمتلك هاتفه الخاص، ويغدو مدمناً للهاتف المحمول، فينصرف عن ألعابه وأصدقائه ليعيش في عالمه الخاص والذي يطل عليه من شاشة هاتفه.
ويحذّر الاستشاري من إدمان الهاتف الخلوي عند الأطفال قائلاّ، إنّ أدمان استخدام الهاتف الذكي يترافق مع آثار نفسية عديدة على الطفل لاسيما الانطوائية والقلق والمزاج المكتئب، فيما يكتفي بعض الآباء بتوبيخ أبنائهم وتوجيه الانتقاد لهم على كثرة تمسّكهم بالهاتف المحمول، دون اتخاذ خطوات صارمة وواعية لإيقاف ذلك.
مردفاً، أنّ كثير من الأهل يهملون ضرورة تعليم أطفالهم تنظيم الوقت وهذا ما يجعل مشكلة إضاعة الوقت مشكلة عامة في مجتمعنا لا تقتصر على الأطفال، إلّا أن تنظيم الوقت حل مناسب للتخلص من هذا الإدمان السلوكي، فمنح الطفل الهاتف الخلوي لوقت محدد أمر قادر على حمايته، إضافة إلى ضرورة وضع أعراف أسرية كمنع حمل الهاتف المحمول إلى مائدة الطعام.
وتابع، أنّه يجب ملئ وقت الطفل بنشاطات تفاعلية تزيد من قدرته على الاختلاط في المجتمع وتنمي مواهبه، حيث لا يجب حرمان الطفل المدمن على الهاتف الخلوي منه فجأة فذلك سيضعه في حالة تحدّي، إنّما يجب استخدام التوعية والنقاش مع وضع برتامج لتنظيم حياته، على أن يكون الآباء قدوة لأطفالهم، فيما يُمكن استشارة الطبيب في حال فشل الأهل بإبعاد الطفل.
لا قوانين تحظر الألعاب الإلكترونية القاتلة
هذا ويبقى القانون السوري قاصراً في محاسبة المروجين للألعاب الإلكترونية الخطيرة، وبالرغم من وفاة عدة أطفال على مساحة سورية جراء ممارستهم هذه الألعاب لم يتم سن قوانين صارمة تستهدف المروجين لها.
ويقول أحد المحامين للسويداء 24، إنّه من واجب السلطة منع التحريض على العنف ومكافحته، لما له من تأثير على المجتمع أو الأفراد، حيث تكون غالباً نتائجه ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
مضيفاً، أنً التحريض في القانون السوري لا ينطبق فقط على جرائم العنف فقط، وإنما يشمل كافة الجرائم المنصوص عليها في قانون العقوبات السوري، حيث يعتبر التحريض على العنف من خلال ترويج الألعاب الإلكترونية تحريضاً عاماً لأنه يصدر من شخص لعدد غير محدود من أشخاص.
وبيّن، أنّ عقاب المحرض يكون بالعقوبة ذاتها للجريمة التي أراد أن تُقترف، سواء كانت الجريمة ناجزة أو مشروعاً فيها أو ناقصة، بحسب المادة 217 من قانون العقوبات السوري، فيما تخفف عقوبته في حال لم يفض التحريض على ارتكاب جناية أو جنحة إلى نتيجة، وفقاً للفقرة الثانية.
وختم المصدر داعياً السلطات لاتخاذ إجراءات أكثر صرامة في مكافحة الألعاب الإلكترونية الخطيرة، عبر سن قوانين واضحة تستهدفها وتمنع تداولها والترويج لها، وذلك لما لها من خطورة على الأطفال، كما اقترح حملات توعية منظّمة للمدارس والأهالي.