حفلات الأفراح تسودها المزايدات الشكلية والفقراء يعزفون عن الزواج

يعزف كثير من الشبّاب في السويداء عن الزواج، واجدين أنفسهم أمام قرار شبه محتوم بالعزوبية، وسط تصاعد تكاليف الأفراح واستحالة متطلبات الزواج من بيت ومهر واستقرار مادي وغيرها، بينما تضطر العديد من الفتيات للتنازل عن مستحقاتهن المعروفة بحسب التقاليد تعاوناً مع خطبانهن لإتمام الزواج.

هل الزواج حكراً على الأغنياء فقط.؟!

استطلعت السويداء 24 أسعار صالات حفلات الزفاف وتكاليف التصوير وتجهيز العروس والعريس، حيث تراوحت أجور فساتين الزفاف لليلة واحدة من 250 ألف إلى 6 مليون ليرة سورية لدى أحد المتاجر، أما تسريحة الشعر مع التبرّج للعروس فبلغت تكلفتهما 200-250 ألف ليرة.

فيما تراوح إيجار صالة الأفراح بين 800 ألف و3 مليون ونصف ليرة سورية لليلة الواحدة وبنفس المقدار لتكاليف التصوير، فيما تصل أسعار الأطقم الرسمية للعريس إلى أكثر من 500 ألف ليرة سورية، إذ تتفاوت التكلفة الإجمالية للحفلة الزفاف تقريباً بين 5 ملايين بالحدود الدنيا و15 مليون، وقد تزيد على ذلك، فيما لا يستطيع مُعظم الشبان من الطبقة المتوسطة والفقيرة تحمل هذه التكاليف.

سيادة الفكر المادي ألغى جوهر الفرح.!

تحدثت السويداء 24 لعدد من الشبان الذين أكّدوا إعراضهم عن الزواج بسبب ارتفاع تكاليف الزواج وسوء الأحوال المادية:
وقال الشاب هادي، الذي يبلغ من العمر 35 سنة، للسويداء 24 أنّه لا يزال غير قادر على الإقدام على الزواج حتى الآن بالرغم من رغبته في تكوين أسرة، إلّا أنّ حالته المادية لا تسمح له بتحمل تكاليف الخطوبة وحفل الزفاف والمهر وغيره، بينما هو مُعيل لوالدته وأخواته الأصغر سنّاً.

فيما ألقى كريم، الذي يبلغ من العمر 31 عاماً، اللوم على وسائل التواصل الاجتماعي التي جعلت تصوير الأعراس والتفاخر بتكاليفها الباهظة أمر ضروري بالنسبة للكثيرين، حيث تلقى تلك الحفلات ضجة على الصعيد المحلي، حيث بات الأغلب يهتم للمظاهر الخارجية للفرح أكثر من المناسبة بحد ذاتها.

مضيفاً، أن المجتمع يربط الإقدام على خطوة مصيرية كالزواج بالاستقرار المادي فقط، بمبدأ العرض والطلب، متفحصاً بمواصفات العريس المادية دون أن يكترث للاستعداد النفسي والوعي اللازم للبناء أسرة تضع على عاتق الأبوين حياة أطفال ومصيرهم، فسيادة الفكر المادي ألغى جوهر الفرح وقيمة الحياة الزوجية، بحسب رأيه.

أما مازن، عازب يبلغ من العمر 28 عاماً، فقد رأى أن من ينجو من تكاليف حفلة الزواج فإنّه واقع لا مفر في تكاليف الأثاث والمعيشة، فتتراوح أسعار الديوانيات مثلاً بين 500 ألف للنوعية المتردية و3 ملايين للجيدة، أما أثاث غرفة النوم فلا يقل بأردى حالته عن 2 مليون ليرة سورية، عدا عن ما تلاها من مصاريف الأسرة والأطفال.

المهر مُغالاة بالعروس أم تجارة بالزواج.؟

انقسمت الآراء حول المهر في استطلاع للرأي أجرته السويداء 24 لمعرفة رأي عشرات النساء والفتيات في السويداء حول المهر ومساعدة العروس للعريس في تكاليف الزواج والأثاث:
وبالرغم من أنّ معظم الفتيات قد وصفن أخذ المهر (الفيد) بالإهانة للعروس في هذه الأيام واعتبرنه نوعاً من المُتاجرة بالزواج ومن الواجب إلغائه في القانون إلّا أنّ أخريات رأين أن التنازل عن المهر أمر غير مقبول ويسبب استسهال الزواج والطلاق من قبل الشاب وعدم تقدير الزوجة.

فيما وقفت أخريات في موضع الوسط، مُرتئيات أن المهر حق مشروع للفتاة فلا يصح عقد القرآن دونه ولا يجب الاستغناء عنه، إنّما يُمكن عدم قبضه وتسجيله كغير مقبوض في عقد الزواج، ما يضمن حق الفتاة في حال الطلاق كونها الخاسر الأكبر مُجتمعياً، بحسب حديثهن.

أمّا عن مساعدة الفتاة للشاب في تكاليف الزواج والأثاث فقد أكّد المُعظم أن أهل العروس يتكفّلون بالكثير من النفقات خلال فترة الخطوبة وحتى بعد عقد القِران، فالعادات تُلزم أهل العروس بشراء جزء كبير من “الجهاز”، وهو ما تحمله العروس إلى بيت الزوجية من أثاث وملابس، إضافة لرواج حفلات “وداع العزوبية” للعروس في الآونة الأخيرة، والتي تحمل أيضاً تكاليف إضافية للأهل، أما بعد الحفلة فلا بُدّ للأهل من تقديم الهدايا الثقيلة في زيارتهم الأولى للعروس تحت مُسمّى “ردة الإجر”.

عرائس يتخلين عن التزيُّن بالذهب.!

تخلّت كثيرات في السويداء عن حُلي الذهبي كشرط للزواج، واكتفت أخريات على بخاتم الخطوبة فقط، فيما اخترن ثالثات الحفلات المُقتصرة على الأهل، توفيراً على العريس وتعاوناً مع ظروفه المادية.

وتقول سوزان للسويداء 24 أنّها اختارت وخطيبها أن يحجزا طاولة في أحد المطاعم أثناء إقامته حفل فنّي ليحتفلا بزفافهما برفقة الأهل دون إقامة حفلة زفاف، وذلك لتوفير تكاليف الزفاف واستثمارها في تأمين حياة كريمة لهما.

فيما أكدت زينة ارتدائها لخاتم من الذهب البرازيلي عوضاً عن الذهب كون حالة خطيبها المادية لا تؤهله لشراء خواتم من الذهب، سيّما وأنّ سعر الغرام الواحد من الذهب عيار 21 قد بلغ 156 ألف ليرة، مُردفة أنّ المقياس الوحيد لقبول أو رفض الزواج هو أخلاق الرجل لا ماله ولا عيب في التنازل عن الشكليات مادام جوهر الشخص ثميناً.

هذا وأشارت تقارير المسح الديموغرافي المتعدد الأغراض في سورية لعام 2017-2018 إلى أن نسبة الأشخاص الذين لم يسبق لهم الزواج بلغت 47% للذكور و42.1% للإناث، كما بلغت نسبة “العنوسة” في سورية 70% بحسب إحصائيات موثقة لعام 2019.