تطورات متسارعة في السويداء وبوادر صدام داخلي تلوح بالأفق

استنفرت الأفرع الأمنية في مدينة السويداء، منذ يومين، تزامناً مع سحب الدفاع الوطني بعض آلياته من الريف الشرقي ونقلها إلى مركز الفصيل، وفتحه باب الانتساب للتطوع.

وأفاد مصدر خاص للسويداء 24، أن تعليمات وردت من دمشق للأفرع الأمنية من بينهم جهاز المخابرات العسكرية، في محافظة السويداء منذ يومين، برفع الجاهزية والاستنفار، تحسباً لأي تطورات قد تشهدها المحافظة خلال الفترة القادمة.

الدفاع الوطني رأس حربة

أكد مراسل السويداء 24، أن فصيل الدفاع الوطني، اتخذ عدة إجراءات في الأيام الماضية، حيث أعلن عبر صفحات الفيس بوك الناطقة باسمه، نيته مواجهة ما يسميها بالمجموعات الانفصالية ويتهمها بالعمالة للخارج، في ظل معلومات تشير إلى أن السلطة تنوي وضع الفصيل كرأس حربة في أي مواجهة قادمة، سيما وأن عناصره من أبناء المحافظة.

وأضاف مراسلنا، أن الفصيل سحب أسلحته المتوسطة من بعض النقاط في ريف السويداء الشرقي، إلى مركز الفصيل في بلدة قنوات، الذي يشهد حالة استنفار، بالتزامن مع نشر دوريات في بعض ساحات وشوارع المدينة، بمؤازرة بعض الفصائل المحسوبة على الأجهزة الأمنية.

كما أعلن الدفاع الوطني، فتح باب الانتساب لصفوفه يوم الثلاثاء، موجهاً رسالة لمن يرغب بالانتساب بالتوجه إلى مركز الفصيل، وتقديم الأوراق اللازمة لاستلام سلاح، في خطوة تهدف إلى زيادة عدد أفراد الفصيل.

ومن خلال رصد بيانات “الدفاع الوطني” المتتالية على الفيس بوك خلال الأيام الماضية، تتصاعد فيها اللهجة العدائية ضد ما يُعرف بحزب اللواء السوري، وهو عبارة عن فصيل مسلح تم تشكيله مؤخراً عبر شخص من المحافظة مقيم في فرنسا، وعناصره أيضاً من أبناء المحافظة.

بيانات متبادلة وتحركات على الأرض

ذكر فصيل حزب اللواء السوري، في بيان مطولٍ حول تحركات الدفاع الوطني الأخيرة، أنه يرفض الاقتتال الداخلي بين أبناء المحافظة، متهماً قيادات الدفاع الوطني بالعمالة لإيران، وبأن هذه القيادات تحاول الدفاع عن مكاسبها من تجارة المخدرات والخطف، التي يدعي الحزب محاربتها.

وينتشر عناصر الفصيل التابع لحزب اللواء في بعض مناطق المحافظة، والتواجد الأبرز في بلدة الرحى جنوب المدينة، وبعض قرى الريف الشرقي من بينها قرية “الحريسة”، وفي بلدة “المزرعة” بريف السويداء الغربي، مع تواجد أفراد في قرى ومناطق أخرى، إذ يحصل العناصر على رواتب شهرية، تبلغ قرابة 200 ألف ليرة للعنصر.

وكان عناصر الفصيل في بلدة المزرعة التي تعتبر مركز ثقل لهم، قد نصبوا عدة حواجز، بدعوى مكافحة الفلتان الأمني وحماية الطرقات من عمليات الخطف، وقد حصل خلاف كاد أن يتطور لاشتباكات مسلحة، بينهم وبين فصيل مسلح مدعوم من المخابرات العسكرية في بلدة عتيل، على خلفية مصادرتهم سيارة مسروقة، إلا أنهم انسحبوا عن الحواجز التي نصبوها على الطرقات منذ عدة أيام، واكتفوا بتسيير دوريات.

فيما أكدت مصادر من بلدة المزرعة للسويداء 24، أن المخابرات العسكرية زادت من أعداد المنتسبين المدنيين في بلدة المزرعة بالريف الغربي، منذ مدة قصيرة، وخصصت رواتباً شهرياً للمنتسبين، تبلغ 225 ألف ليرة شهرياً، في خطوة تبدو أنها رداً على تزايد أعداد المنتسبين لفصيل حزب اللواء.

عودة إلى “الشريان الواحد”

أواخر عام 2018، تحالفت مجموعة من الفصائل المسلحة في السويداء، وعقدت اجتماعاً في بلدة المزرعة بريف السويداء الغربي، معلنة عن تشكيل فصيل “الشريان الواحد”، وذكرت حينها أن أهدافها محاربة الفلتان الأمني، ومنع انتهاكات الأجهزة الأمنية.

وخلال أشهر معدودة، انفرط الفصيل بعد حصول خلافات داخلية، وتورطت بعض الجماعات فيه بعمليات الخطف والفلتان الأمني، لينضم قسم من الفصائل إلى جهاز المخابرات العسكرية، وقسم أخر بقي مستقلاً وانضم مؤخراً إلى حزب اللواء السوري، على غرار فصيل بلدة المزرعة.

سباق محموم على العسكرة

تشير مصادر السويداء 24، إلى أن حركة التسلح تزايدت في الآونة الأخيرة داخل محافظة السويداء، وهناك عدة أطراف تشتري السلاح، وتوزعه على أبناء المحافظة، حيث تزيد من أعداد المنتسبين لها، ومن بين هذه الأطراف الدفاع الوطني، والفصائل المحسوبة على الأجهزة الأمنية والجماعات المتهمة بعمليات الخطف، وفصيل حزب اللواء.

ويتخوف ناشطون من تأجيج حالة الانقسام بين أبناء المحافظة، ودفع أجهزة مخابرات سورية أو خارجية، بهذا الاتجاه، في ظل حالة الانقسام والتجييش التي تشهدها المحافظة في الآونة الأخيرة، والتحريض المستمر من أطراف مختلفة على رأسها أجهزة السلطة الاستخباراتية.

في حين تغيب عن المشهد الحالي وتقف على الحياد، حركة “رجال الكرامة” وهي الفصيل المحلي الأكبر في المحافظة، وسط تزايد التساؤلات حول موقف الحركة من التطورات المتسارعة التي يمكن أن تتحول في أي وقت لصدام داخلي.

كذلك تلتزم كافة المرجعيات الدينية والاجتماعية الصمت، وكأن ما يحصل لا يعنيها، وفق ناشطين ومهتمين بالشأن العام، يتخوفون من تطور الأحداث لخلافات داخلية، قد تكون بوابة لتدخل خارجي، في ظل عدم وجود أي سيادة وطنية كما يدعي النظام، فالدول لا تبحث إلا عن مصالحها، ولا تهتم لمصير الشعب السوري، كما أثبتت التجربة في بقية المحافظات السورية.

يذكر أن محافظة السويداء تعاني من ظروف اقتصادية سيئة للغاية، ويرزخ الكثير من سكانها وشبابها تحت وطأة الفقر والبطالة، مما جعل استقطاب الشباب للعسكرة والتسلح مرتفعاً، في ظل غياب الحل سياسي في البلاد عامة، فلا تفرخ البيئة القمعية وتزايد الفقر، وانسداد افق السياسة، إلا جنوحاً حاداً نعو العنف.

حيث جندت روسيا آلاف الشباب من أبناء المحافظة، وزجتهم في ليبيا، وإيران والسلطة كذلك جندت المئات وزجتهم في البادية السورية، وميليشيا حزب الله أغرقت المنطقة بالمخدرات واستقطبت المهربين، ومؤخراً بدأت فصائل متعددة الولاءات، باستقطاب الشباب داخل المحافظة، اللذين كانوا يوماً ما في عام 2018، متكاتفون في خندق واحد، ضد تنظيم داعش الإرهابي.