يشهد سوق العقارات في السويداء، انفجاراً غير مسبوق بأسعار إيجار الشقق السكنيّة، وصلت الواحدة منها والتي لا تستوعب أكثر من عائلة مكوّنة من أربع أفراد، إلى أكثر من مائة ألف ليرة في الشهر.
إيجار الشقة في مدينة السويداء، كان لا يتجاوز 50 ألف ليرة سورية العام الفائت. منذ مطلع العام الحالي تضاعفت إيجارات الشقق، وباتت تتراوح بين 75 ألف إلى 150 ألف ليرة، فيما لا يزال دخل المواطن ورواتب الموظفين، الحلقة الأضعف.
أبو أنور (اسم مستعار) تواصل مع السويداء 24، يشكو من عدم إيجاد شقّة صغيرة تأويه مع عائلته، إذ ببحثه المتواصل عن منزل قريب للمدينة بمكان عمله، طمعاً منه بتخفيف عبء نفقة المواصلات كل يوم، لم يحظى سوى على أطراف المدينة بشققٍ تعدّت قيمة إجارها الشهريّ المئة والمئة وخمس وعشرون ألف ليرة سوريّة.
ويضيف، أن راتبه الشهريّ لا يتجاوز 90 ألف ليرة، وبالطبع كحال كلّ الموظفين يذهب منه للصناديق واقتطاعات القروض والسلف، فلا يبقى شيء يذكر يتقاضاه أمام الغلاء المعيشيّ. “عملي الإضافيّ محدود وهو مياوم ولا أستطيع إلّا الإستناد عليه في قوت أطفالي، وردفاً لعمل زوجتي أيضاً، نخرج من الشهر مديونين للبقالة ولبعض المعارف المقربين”.
بحرقة الأب المكسور، يكملُ أبو أنور، دُلّوني على سقفٍ في بلدي أتآوى أنا وأطفالي وزوجتي فيه؟، لا أستطيع دفع إيجاراتٍ شهريّة فوق استطاعتي، والشقّة السكنيّة التي كنت قدّ إكتبتُ عليها قبل ستة عشر عاماً، طعنت فيها الحكومة وردّوا لنا الرسم طوال تلك السنوات بقيمته المتناقصة، لأحصل على 20 ألف ليرة، أين أذهب ولمن أشتكي، وأمثالي مئات المواطنين.!
أصحاب شقق الإيجار ليسوا أفضل حالاً
صاحب مكتبٍ عقاريّ وتيسير أفرقاء لإبرام عقود البيع والإيجار، أجاب على استفسارات السويداء 24، بأنّ المؤجّر ليس أفضل حالاً من المستأجر، لما تحمله الضائقة الإقتصاديّة على المواطنين سواء.
ويرى بأنَّ الذي يجب أن يتساءل عن تأمين المسكن للأُسر هي الحكومة فقط، عبر زيادة الدخل وتمكين وتقوية الليرة، وعليه سيكون للمواطنين توفير المسكن لهم.
موضحاً بأنّ تكلفة إعمار شقّة سكنيّة على “العضم” وبمساحة 120 م٢، تصل اليوم إلى 30 مليون ليرة سوريّة، وتضيف نصف هذا المبلغ المهوول لتحصل على كسوةٍ خفيفة إلى متوسطة التكاليف.
ويتابع، بهذا يترتّب على المؤجّر الحفاظ على مسكنه برفع الإيجار لحدودٍ تمكّنه من اجراء الصيانات الدوريّة عليها، كأعمال طلاء الجدران، وتبديل وإصلاح إنارتها الكهربائية، إضافة لبياضات المواد الصحيّة باهظة التكاليف، وغيرها من الصيانات.
الحكومة تُزاود وتكذب على أوجاع النَّاس
تتنطّح خطابات مسؤولي الحكومة السوريّة، رؤوس الشعارات الطنّانة بين فترة وأخرى، إذ لا تتوقف عن اطلاق الوعود للمواطنين بتأمين مسكن لكلّ أسرة سوريّة، وتذهب تلك الشعارات أدراج الرياح.
بعض تلك الوعود، أتت على لسان رئيس الوزراء السابق وائل الحلقي في أيّار عام 2014، حين نقلت صحف رسميّة قوله، أثناء اجتماع لإتحاد التعاون السكني في سوريا وتحت شعار “تأمين مسكن لكل أسرة واجب وطني”، بأنّ الحكومة ستطلق خلال أسبوع مشروع إعادة الإعمار في البلاد وسينتهي على أثره مشاكل تأمين السكن للسوريين.
وبشّر الحلقي المواطنين، بقوله، ” إنّ توجيهات بشار الأسد هي بتأمين المسكن لكافة المواطنين، وإنّ أولى اهتمامات الحكومة تأمين متطلبات السكن للمواطنين، وهذا ما يتمّ العمل عليه مع المؤسسات المعنية من دراسة لمناطق تنظيمية جديدة، وملاحظة الأراضي لزوم حاجة الجمعيات السكنية، وتأمين السكن البديل”، نقلاً حرفيّاً لتصريحه.
تصريحات الحكومة ووعود بشّار الأسد، لم يحدث منها طيلة السنوات المنصرمة شيء، وبالمقابل تشابكت الأحوال عند المواطنين، وزادت الأوضاع المعيشيّة خناقاً على أعناقهم، ليبقوا دون منزلٍ بسيطٍ كإيجار يتآوون فيه، ويصير حُلم إمتلاك آخر من المستحيلات. فأين يسكن المواطنين أصحاب الدخل المحدود أو المعدوم، توضيحاً لأذهان الحكومة.؟