السويداء: احتجاجات البطاقة الذكية

تتواصل مظاهر الاحتجاج في السويداء على قرارات توزيع مخصصات الخبز والمحروقات عبر البطاقة الذكية. ولا يقابل ذلك سوى الوعود وطرح حلول مؤقتة، من جانب مسؤولي الحكومة.

وبعد القريّا والسويداء والمرزعة، رفض أهالي بلدتي قنوات وعريقة، استلام الخبز بالآلية الجديدة ما أجبر الأفران على بيعه من دون قطع البطاقات. ووقعت مشاجرات عند بعض الأفران، وأطلقت أعيرة نارية في الهواء، وصادرت جهات أهلية جهاز قطع “قراءة” للبطاقات الذكية. في حين انتهز البعض الفرصة لغناء الأهازيج الشعبية كنوع من الاحتجاج.

وتتضمن آلية بيع مخصصات المواد الغذائية تقنيناً شديداً على الخبز، ومراقبة لطريقة بيعه، وتحكماً بكميات استهلاكه وسط معايير يضمحل أمامها الناس ليصبحوا مجرد أفواه يستحق كل منهم عدداً محدداً من الأرغفة سيئة الخبز يومياً. وتضمن الحكومة من خلال هذا التقنين الجائر ما تقول أنه خفضاً للهدر. ولكن الواقع يشير إلى اتجاه حكومي لتخفيض الدعم على المواد الرئيسية بسبب فشلها مالياً. سنوات الحرب الطويلة التي خاضها النظام ضد المجتمعات المحلية الثائرة ضده، كانت كفيلة بافلاس خزينة الدولة. تلك الدولة تحاول حاليا زيادة الضرائب وخفض الدعم، وسط تدهور متواصل لقيمة الليرة، وتأكل القدرة الشرائية لدى أصحاب الدخل المحدود، وهم الغالبية الغالبة بين السوريين.

وأمام هذا الرفض الشعبي في السويداء، تجد الحكومة نفسها محرجة. إذ أن الآلية ذاتها مرّت تقريباً من دون إعتراض في بقية المحافظات، لاعتبارات أمنية. وفي الوقت ذاته، تحاول السلطة الحفاظ على مركزية قراراتها، لذا تقدم حلولاً مؤقتة. إلا أن الحل الجذري في قضية توزيع الخبز تكمن في زيادة المخصصات، وتعديل أوقات التوزيع. وتجاوب السلطة مع هذا المطالب الشعبية المحقة في السويداء، سيضعها في حرج أمام بقية الأهالي في المحافظات.

من جانب آخر، أوقف سائقو السيارات العمومية حركة المرور وسط مدينة السويداء، وقطعوا الشارع المحوري بسياراتهم، احتجاجاً على نقص مخصصاتهم من الوقود. ودفع ذلك بمحافظ السويداء همام دبيات، لتقديم وعود بالعمل خلال أيام على زيادة مخصصات السيارات العمومية بنسبة 10 بالمئة. وكان دبيات، قد تعهد بمطالبة الحكومة بزيادة مخصصات المحافظة من مخصصات مازوت التدفئة، لمجتجين تجمهروا أمام السرايا الحكومية، قبل أيام.

وفي الحالتين تجاوب المحتجون مع وعود دبيات، وفضوا حراكهم. ويعتبر البعض تلك الوعود مجرد تخدير، فليس بمقدور ديبات زيادة المخصصات دوناً عن بقية المحافظات. فالأمر مرتبط بالحكومة وقراراتها، والأخيرة تقول إنها تعطي ما لديها، وتبرر ذلك بالحصار والعقوبات لردع أي مطالب شعبية. فهل تتوسع رقعة الاحتجاجات على الأوضاع المعيشية في السويداء، خلال الفترة المقبلة، وسط عجز حكومي عن اجتراح أي حلول اقتصادية تنهي حالة التقنين المجحفة في المواد الأساسية؟