السويداء: من المسؤول عن سرقة الأكبال ؟

باتت أكبال الكهرباء الغنية بالنحاس هدفاً رئيسياً للصوص يعملون ضمن شبكات منظمة، لكنها لا تنحصر بالسويداء فقط. هناك وسطاء مهمتهم بيع النحاس المستخرج من الأكبال إلى العاصمة دمشق، يقودنا البحث ورائهم لكشف الجهات المسؤولة عن تلك السرقات.

قبل إسبوعين كشف مصدر خاص للسويداء 24، أن جهة أمنية القت القبض على شخصين في منطقة السومرية بالعاصمة دمشق، كان بحوزتهما كميات من النحاس المستخرج من أكبال الكهرباء. الشخصان ينحدران من إحدى قرى ريف السويداء الغربي ويحملان بطاقتي أمن مؤقتتين بصفة متعاقد من شعبة المخابرات العسكرية.

بعد وساطات من الشعبة ومن مكتب أمن الرابعة أيضاً، ودفع أقارب الموقوفين مبالغاً مالية لبعض المسؤولين، تم إطلاق سراحهما رغم وجود نشرات بحث عديدة بحقهما. وهنا يحق السؤال: اليست أجهزة الأمن والسلطة مسؤولة بشكل مباشر عن سرقة الممتلكات العامة لا بل وحماية اللصوص ؟

من المعروف أن العاصمة تحتكم لقبضة أمنية مشددة، ومن خلال تتبع قضية الموقوفين المفرج عنهما حصلنا على شهادات تؤكد أن النحاس المسروق من السويداء يباع لأشخاص يتبعون لمكتب أمن الفرقة الرابعة بالعاصمة ويُمنع البيع لغيرهم. والوسطاء غالباً متعاقدون مع جهات أمنية تسهل لهم البطاقات المرور على جميع نقط التفتيش. أما اللصوص فليس بالضرورة انتماؤهم لجهة أمنية يكفي أن يكونوا أفراداً عاطلين عن العمل وعقولهم مغيبة.

الفرقة الرابعة تُتهم منذ سنوات بأنها الراعي الرسمي لتجارة النحاس في السوق السوداء في جميع المحافظات السورية، حتى أن هناك حواجزاً لها بين المحافظات مهمتها التفتيش على النحاس والحديد تحديداً، لضمان الاحتكار، وبينهم حاجز على طريق دمشق السويداء بالقرب من المسمية.

هنا العدالة غائبة عن هذه الأجهزة وعن الوسطاء العاملين معها. ربما لا تطبق إلا على اللصوص الصغار الذين ينفذون المهمة الأخطر وهي قطع الأكبال وسرقتها ويعرضون حياتهم للخطر تارة من الكهرباء حيث سُجلت عدة إصابات للصوص بسبب عبثهم بالأكبال، وتارة من رصاص الأهالي الذين ضاقوا ذرعاً منهم، كما حصل قبل شهر عندما قُتل شاب برصاص من شاهدوه يقطع أكبال كهرباء في السويداء.

في معظم الحالات التي قبضت فيها مجموعات أهلية في السويداء على لصوص الأكبال وسلمتهم للجهات الأمنية. كانت أعمارهم تتراوح بين 15 و20 عاماً. وإن كانوا عاطلين عن العمل فهذا لا يبرر لهم إطلاقاً التعدي على الممتلكات العامة أو الخاصة، ولكن يبدو أنهم الحلقة الأضعف حتى من ناحية الأجر الذي يقبضونه.

لذا، إن اثبات تورط جهات نافذة في السلطة من أجهزة أمن أو فرق عسكرية تعمل كل واحدة منها كدولة ضمن دولة ليس صعباً. يمكن لأي متابع اليوم أن يلاحظ: النحاس المسروق يباع للفرقة الرابعة، والسيارات المسروقة تأتي من خلالها، وحتى المخدرات تطالها اتهامات دولية بالإشراف على خطوط تهريبها. هذا كله والمجتمع يعاني من ضائقة معيشية خانقة، وخلل أمني كبير، لنصل أخيراً إلى مقولة: إذا فسد الراعي فسدت الرعية.

ويبقى المتضرر الأكبر من التعديات على أكبال الكهرباء هم السكان المحرومون من خدمة الكهرباء أصلاً، إلا بضعة ساعات في اليوم. ويتفاقم الضرر ليشمل شبكة المياه وشبكة الاتصالات. أخر تلك الحوادث قبل يومين، في مدينة شهبا وقريتي دوما وتيما، انقطعت خدمتي الكهرباء والاتصالات عن مئات السكان نتيجة سرقة الأكبال.