تداعى العشرات، صباح اليوم، لتنفيذ وقفة احتجاجية أمام قصر العدل في مدينة السويداء، مطالبين بمحاسبة قتلة الشاب يوسف نوفل.
وضمت الوقفة طلاب مدارس وجامعات، وأصدقاء يوسف، وناشطين، وأطياف من المعارضة، بالإضافة إلى حضور لافت لذوي ضحايا قتلوا في جرائم ما زال القضاء متعثراً بالاقتصاص من مرتكبيها.
والد يوسف، وبعض أقاربه، طلبوا من المحتجين الحفاظ على الطبيعة الصامتة للوقفة الاحتجاجية، لكن حالة الغضب دفعت الكثيرين لإعلاء الصوت بالهتاف ضد الفلتان الأمني وانتشار العصابات والمخدرات. ورفع بعض المحتجين لافتات تطالب بحق المغدور، وأخرى تطالب بـ”تعليق المشانق”.
النائب العام في السويداء، التقى المحتجين، طالباً منهم الهدوء والالتزام بالقانون، وتعهد بمحاسبة الجناة في هذه الجريمة وغيرها. وقال إن السلطات “تقوم بواجبها”، وأضاف أن مطلب “تعليق المشانق” واعدام الجناة مخالف للقانون.
وانفضّت بعد ذلك الوقفة الاحتجاجية، بعدما أعلن بعض المشاركين رغبهم تجديدها الأحد المقبل، في نفس المكان. وانتقل قسم من المعتصمين إلى منزل يوسف نوفل، الذي قال والده إنه لن يقبل أي وساطة اجتماعية للصلح، قبل تنفيذ القصاص القانوني بحق الجناة.
والملفت في هذه الوقفة هو المطالب المتكررة بتعليق المشانق والقتل للقاتل، والتي لاقت رواجاً لدى شرائح شعبية متعددة من مجتمع السويداء، وبعض ممثلي التيارات المدنية وأطياف المعارضة. ويعكس ذلك ضيق تلك الشرائح بما آلت إليه الأوضاع من انفلات أمني وفوضى السلاح وانتشار الجريمة إلى مستويات غير مسبوقة، مع ضرب الأجهزة الأمنية لدور السلطة القضائية في معرض تسهيل عمل العصابات.
وما زال الحكم بالاعدام معمولاً به في سوريا، عدا عن الاعدام في المعتقلات خارج سلطة القانون. ومع ذلك، يبدو مطلب تعليق المشانق، والقتل للقاتل، أمراً مستهجناً ويمثّل انتكاسة للوعي المدني ورضوخاً للثأر ولعقلية العصابات.
ويبدو السؤال الشعبي اليوم عن دور الدولة الغائب مفهوماً في ظل ضعف وسائل الردع الشعبية الأخرى؛ من حلول عشائرية ووساطات أهلية، إلا أنه يتضمن مغالطة كبيرة: الدولة التي يطلب الناس اليوم تفعيل دورها، هي ذاتها من أطلقت سراح المجرمين، وتعاقدت معهم ووزعت عليهم البطاقات الأمنية لحماية طرق تهريب المخدرات والسيارات المسروقة. الدولة اليوم، هي ايضاً مخطوفة.