السويداء: هل ينجح الشارع بالاستمرار ؟

اتسعت رقعة الاحتجاجات في محافظة السويداء، لتشمل مناطقاً جديدة، كان أبرزها في مركز المدينة حيث شهد مظاهرة بسقف مطالب مرتفع. ولجأ محتجون إلى قطع طرق فرعية ورئيسية، في مناطق عديدة.

منذ ساعات الصباح، ودون تنسيق مسبق، قطع الأهالي الطرق لعدة ساعات، شمال شرقي المحافظة، في شقّا، وأم ضبيب، ونمرة التي شهدت تجمعاً ملفتاً لأهالي البلدة الذين طالبوا بإسقاط الحكومة، وتحسين الظروف المعيشية. كذلك قطع محتجون طريق دمشق السويداء، عند قريتي حزم وخلخلة. في الريف الغربي أيضاً على طريق مجادل – شهبا. ولمدة ساعة واحدة، أغلق العشرات في بلدة القريّا جنوب المحافظة الطريق المؤدي لمدينة السويداء. ولم يُسمح بالمرور إلا لطلاب المدارس والجامعات والحالات الإسعافية.

شكل الاحتجاج الأهلي كان مختلفاً في مدينة السويداء: العشرات تجمعوا عند مقام عين الزمان، من فئات مختلفة، بين أفراد مجموعات مسلحة، شاركوا دون سلاح، وعدد محدود من المعارضين والمثقفين. وكان صوت الفقراء يطغى على المشهد، مع حضور ملفت لرجال الدين، يُعد الأول من نوعه في احتجاج مطلبي.

ورفع المحتجون لافتات تندد بفساد السلطة وهدر المال العام، وترفض ضمنياً أي تواجد أجنبي على الأراضي السورية “لا شرقية ولا غربية بدنا سوريا بدون تبعية”، وهناك من رفع رايات دينية. وخلف هذه اللوحة المتناقضة، يبدو واضحاً أن الاحتجاجات انطلقت بصورة عفوية.

أمام دار الطائفة، انقسمت آراء المحتجين، بين من قرر قطع ساحات رئيسية داخل المدينة، بالإطارات المشتعلة، وأخرين توجهوا لساحة السير التي تحيطها المراكز الحكومية. ليتحول الاحتجاج إلى مظاهرة نددت بالسلطة الحاكمة، وإطلاق هتافات حملت الطابع التراثي بالتعبير عن رفض الذل والظلم.

ومع تزايد الأعداد، دفعت السلطة بتعزيزات أمنية اعتلى عناصرها أسطح المباني، ولم يدخلوا في أي احتكاك مع الأهالي. حاول بعض المسؤولين والضباط تهدئة المحتجين ومحاورتهم، دون فائدة. فالمطالب لم تعد تقتصر على رغيف خبز أو بعض المواد المدعومة، إذ انفجر غضب الأهالي الذين عبّروا بطرق مختلفة عن حالة الفقر التي يعيشونها، وانعدام الأمن الغذائي.

في ساعات الظهيرة، انفضت الاحتجاجات تلقائياً، وانتشرت دعوات لتجديدها، غداً الاثنين. التيارات المدنية دعت للمشاركة غداً، ثم سحبت الدعوة، وأطياف المعارضة لا تزال متحفظة على شكل الحراك. ولا يبدو المشهد غريباً، فالشارع يعيش في حالة تشبه عملية الفرز الطبيعي في سياقٍ اجتماعي، وهذا ما قد يسهل اختراق السلطة للحراك، وامتصاص غضب الناس. تلك السلطة التي لم يعد لديها شيء لتقدمه، وهذا ما يدركه الشارع، فهل ينجح في الاستمرار ؟