عادت للواجهة الشائعات عن خطر محتمل، من تنظيم داعش الإرهابي، ضد السويداء. بعد تجوّل تعزيزات أمنية، في بعض القرى الشرقية المتاخمة للبادية، التي لم تشهد أي نشاط واضح للتنظيم منذ ثلاث سنوات.
والتقى ممثلون عن قوى الأمن، مع بعض الوجهاء، لإبلاغهم عن سبب الجولة. زاعمين وجود مخاوف من تجدد نشاط خلايا تنظيم داعش الإرهابي في البادية، وقالوا إن قوى الأمن قد تنشر نقاط تثبيت في المنطقة خلال الأيام القادمة، من أجل “حماية السكان من خطر داعش”.
ورغم انتشار الجيش السوري، في مساحات واسعة، من بادية السويداء، منذ طرد تنظيم داعش، أواخر عام 2018، لم تظهر مخاوف الأجهزة الأمنية هذه، إلّا بعد ثلاث سنوات. وتحديداً في وقت تشهد فيه المحافظة، حراكاً احتجاجياً مطلبياً، يبدو أنه أربك السلطة، التي لم تعد تملك أي شيء لتقدمه، سوى الحلول الأمنية.
في مدينة السويداء، لا تزال التعزيزات تنتشر عند الطرق الرئيسية، خصوصاً في مداخل المدينة، ومحيط المراكز الأمنية، والدوائر الحكومية. لم تُثبت تلك التعزيزات حتى اليوم نقاط تفتيش جديدة، ولا تحتك مع الناس، رُبما هذه المرحلة الأولى من الانتشار.
الدفاع الوطني الذي يضم عناصراً محليين، نشر بعض النقاط داخل المدينة، كمؤازرة لقوى الأمن. وأعلن الدفاع القاء القبض على ثلاثة أشخاص، قال إنهم متهمين بجرائم جنائية، و”هذه الغاية المُعلنة للحملة”. المُلفت أن واحداً من المقبوض عليهم، ليس من أبناء المحافظة، والأخران يبدو أنهما “لصوص صغار”.
المُلفت أكثر، والمثير للاستهجان، أن السلطة غير قادرة على تحمل نفقات التعزيزات الأمنية التي أرسلتها، لذلك طلب محافظ السويداء “ودياً” من بعض التجار، دعم قوى الأمن المُنتشرة، وتبرع تاجران معروفان بحوالي 400 سلة غذائية لإطعام عناصر الحملة، الذين لم يمنع انتشارهم الواسع اللصوص من سرقة ثلاث سيارات، داخل المدينة.
خلف هذه التفاصيل، من انتشار عشوائي، وعدم وجود خطط واضحة لهدف الحملة المعلن، والحديث غير المُعلن من مسؤولي السلطة، لوجهاء المحافظة، عن مخاوف من “حراك مسيس”. يتضح أن التعزيزات الأمنية جاءت بقرار مفاجئ، رداً على الاحتجاجات الشعبية، التي أشعل شرارتها قرار رفع الدعم، عن فئات محددة من السكان.
لذا فإن جذر المشكلة: الأوضاع المعيشية والإقتصادية المتُردية، والسياسات الفاشلة للسلطة، التي ربما تنجح بالاحتواء وتشتيت الأنظار اليوم، لكن هذه السياسة، لن تُعمق إلا المزيد من الأزمات، وصولاً إلى انفجارات مجتمعية جديدة.
ومن المرتقب تجدد الاحتجاجات يوم غد الجمعة، عند ضريح سلطان باشا الأطرش في بلدة القريّا، بعد تريث قال المنظمون إنه “لعدم تسييس الحراك أو حرفه عن مطالبه ذات البعد الاقتصادي والمعيشي”. ويبدو واضحاً خلف هذا التريث، ونقل الحراك من الساحة الرئيسية في المدينة، أن المحتجين لا يرغبون بأي صدام مع الأجهزة الأمنية، وهو ما تبيّنه هتافاتهم، مثلما تؤكد لافتاتهم على حق جميع السوريين بالعيش الكريم في وطنهم.