تفاقمت أسعار الأسواق مع نهاية شهر رمضان، لتتجاوز قدرة العائلات السوريّة، حتّى بلغت أقل الحاجيات لها، حلماً صعب المنال، فلا تكاد أخف الوجبات تحضيراً من حيث موادها ومستلزماتها، إلّا وصارت كغيرها من وجبات الخطوط الحمراء على جيوب العائلات!
للتو تتنطّح الأسعار سقف السماء أمام أعين المواطنين، بارتفاعٍ قدّرته بعض التقارير تراوح بين 200٪ إلى 300٪ عن سعرها قبل بلوغ شهر رمضان. منها بالخصوص أسعار المواد الغذائية، الحاجة الوحيدة والأخيرة التي تقوى على سدّ الرمق الأخير للناس.
مراسل السويداء 24 عمل على احصاءٍ وسطيّ طوال شهر رمضان، بيّن فيه ما آلت الأسعار إليه في المحافظة فكان للخضار حصّة الأسد بالإرتفاع، وتأخذ الأكثر استهلاكاً منها كالطماطم والبطاطا وغيرها من خضار الموسم، سمة ملوك المائدة، إن وجد لدى العائلات قدرةً على شرائها.
كيلو البندورة سجّل 3000 الى 3500 ل.س، بينما البطاطا تراوحت تعرفة 1700و 2000 ل.س مؤخراً ولن تحظى “بكيس” من الحشائش كالكزبرة أو البقدونس أو الخس بأقل من 2500 ليرة، وبضعة حبّات من الخيار يفوق وزنهم 1000 غرام، وبسعر 2100 ل.س.
1700 ل.س للأسود الباذنجان، ومثلهم لكيلو الفول الأخضر، وحدث بلا حرج عن السلق والسبانخ والخبيزي إن وجدتها بأقل من 2500 في نواحي الأسواق، ليأخذ البصل الأخضر ذات السعر، ويسجّل بصل الموونة 600 ل.س، دون مبالاة من قلال راغبيه!
الفواكه ارتفعت تعرفتها، بعد منافسة الخضار لها على قدرة المواطن في تحصيلها، وتباهت أمام المارة ببعض الرأفة مقارنة مع باقي الأسعار، فسجل كيلو الفريز حوالي 4000 ليرة، ووصم الموز سعراً وسطياً لحد 5500 بينما الليمون تراوح من 1200 و1500 ل.س بآخر الشهر.
( أمّا اللحوم فتعتذر السويداء 24 عن ذكرها لعدم أهميتها لدى المواطنين!! )
بعد نكتة الأسعار.. كيف تعيش العوائل داخل منازلها؟
يقف أبو أنور، محاذياً لباب جاره في الحيّ صاحب الدكّان، بوجّهٍ مغبرّ يواريه عن كلّ مارٍ في الطريق، ينتظر ابنه الصغير ليخرج ببعض ما فاق حسابه بدفتر الديون، لا ما سمح به السمّان يروي ضمأ عائلته، ولا عيناه قادرة على حملان حرجٍ مضاف ليدخل إلى جاره ويعتذر عن ما قصّر به من التزام.
يقول: لا داعي لأبرهن لكم عدم كفاية مرتّبي لحوائج أولادي طوال الشهر، وما أكرمونا به من منحة بمقدار 75 ألف ليرة من جيب الأسد، لا تكفي عائلتي من خمس أفراد وجبة واحدة تحوي على فروجان تشبع ما نقصهم من حاجة للدسم منذ أشهر، وتوفيهم عن بعض لحظات الحرمان، ويبقى الالتزام أمام حقوق السمّان وغيره من الدائنين أكبر الآلام.
في الريف يظنّ البعض أننا نملك بيتاً للمونة أو أرضنا تغنينا عن ما هو ملزماً شراؤه من الأسواق لأهالي المدينة. ليس كلّ أهالي الريف يقيهم الاقتصاد المنزلي نار الأسواق ولا جميعهم يملكون أراضٍ وحتى وظائف تعظهم وتشدّ بدخلهم. توضّح سيدة أخرى حال عائلتها في أحد أرياف السويداء، الخبز المغمّس بالشاي أنقذ حياة أطفالي لليالي طوال!
حكومة تغنّي بوادٍ أخر!
صرّح مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بريف دمشق سائر شيخا مؤخراً، عن وجود فوضى في الأسواق تخللت الشهر الكريم وتحددت قبل قدوم عيد الفطر، مؤكداً وجود ضبوط في العاصمة دمشق بحق بعض المخالفين من مستودعات ومحال تجارية.
فيما اكتفى بإيضاح عمل مديريات التجارة بتركيزها قبل العيد على مراقبة مواد الحلويات والسكاكر والشوكولا والألبسة والأحذية ومحطات الوقود والأفران وغيرها من مستلزمات العيد، مطالباً المواطنين بالتعاون هذه الفترة، لما أسماه أهمية كبيرة لضبط المخالفين والجشعين ومنع حالات غشهم وتلاعبهم.
الحكومة السوريّة وبرغم وضوح الصورة تماماً لديها، خرج ثلّة من مسؤوليها يحاولون التلّويح ببداية هبوط الأسعار، ليأتي الردّ على صحفها الرسميّة بعينها، كجريدة البعث التابعة لها، وتنقل عن وصف وأقوال لمواطنين، بأنّ تصريحات المعنيين حول انخفاض الأسعار وهمية، وبأنّه لم تكد تصل تلك التصريحات وتخرج على مسامعنا، حتى كان العكس تماماً وترتفع بشكل جنوني لا يقبله منطق.