استياء واسع في السويداء: من يُشعل الفتنة ؟

على نحوٍ مفاجئ، شهدت السويداء، عدة حوادث أمنية، في يوم واحد، من عمليات خطف عشوائي، وإطلاق نار واشتباكات، في نقاط متفرقة على أطراف المحافظة، ليرتسم مشهد مقلق وواضحٌ: أيادي خفية تسعى لإثارة الفتنة.

مجموعة محلية تابعة لشعبة المخابرات العسكرية، ليست بالإسم فقط، فجميع عناصرها يحملون بطاقات الشعبة، اختطفت عشرين مدنياً، بدعوى تفويض شخص لها، سُرقت سيارته من السويداء، وباعها السارقون إلى درعا. لكن المخطوفين وهم من أبناء درعا وعشائر السويداء، لا علاقة لهم على الإطلاق بالسارقين، إنمّا تم اختطافهم على الهويّة، أثناء توجههم إلى أعمالهم.

نشر صورة المختطفين بطريقة مُذلّة، ثم مشاهد إطلاق النار حولهم، بوجود صاحب السيارة المسروقة، الذي يلبس الزي الديني، موجهاً التحية للخاطفين، هزت الرأي العام في السويداء، لتنهال مئات التعليقات المستنكرة لهذه الممارسات، مع مطالبات من الهيئات الروحيّة، بتوجيه الحرم الديني، للرجل الذي ظهر في الفيديو، يشجع على الفتنة، ووجود مساعٍ لإطلاق سراح المختطفين.

ومنذ سنوات، عند حدوث عمليات خطف أو سرقة سيارات، اعتادت بعض الرؤوس الحامية، في درعا والسويداء، على تنفيذ عمليات خطف مدنيين بشكل عشوائي عن الطرقات، لإجبار عائلات المخطوفين، على دفع الفدية المطلوبة للسيارة المسروقة، أو الشخص المفقود، في ظل ضعف وسائل الردع الأهلية، وتخاذل أجهزة الدولة، لتسود شريعة الغاب، التي لطالما هدّدت السلم الأهلي في المنطقة.

المُلفت اليوم، أن التوتر لم يقتصر على حادثة خطف المدنيين، فقد شهدت المحافظة حوادثاً جانبية، تُنذر بوجود أطراف تسعى لإشعال الفتنة في المنطقة. فبعد حادثة سلب مجهولين لقطيع مواشي من قرية جرين، شمال غرب السويداء، فتح مسلحون مجهولون النار على منازل المدنيين في قرية جدل المحاذية، شمال شرق درعا، ليستنفر الأهالي على الجانبين، ولا أحد يعلم، من سرق المواشي ؟ ومن أطلق النار ؟

كذلك في الريف الشمالي الشرقي، وقع تبادل إطلاق نار، بين رعاة مواشي من قرية القصر، وأخرين من قرية البثينة المجاورة لها، رغم أن المنطقة تعيش استقراراً منذ أربع سنوات. وفي الريف الجنوبي للسويداء، تضخ صفحات على وسائل التواصل الاجتماعي، رسائل تحريض لأهالي بلدة القريّا، لمهاجمة رعاة مواشي، تضمنوا أراضٍ من الجمعية الفلاحية غربي البلدة.

أحداث متسارعة، شهدتها ساعات، لا أيام، تأتي بعد فترة قصيرة من حلحلة بعض الملفات، المتعلقة بعودة المهجرين من عشائر البدو، إلى بيوتهم في السويداء، ليبدو واضحاً، وجود أطراف تسعى لتوتير الأجواء، في ظل رفض شعبي واسع لمحاولات إشعال الفتنة.

ويمكن من خلال القاء نظرة بسيطة، على آلاف التعليقات، لأهالي درعا، والسويداء، وأبناء العشائر، ملاحظة الاستنكار والإستياء الواسعين، من وجود أطراف تعبث بالسلم الأهلي، فمن هي هذه الأطراف ؟ وأين الحشود الأمنية التي ملأت شوارع السويداء في الشهرين الماضيين ؟ ولمصلحة من إشعال الفتنة في الجنوب السوري ؟