الدراجات النارية في السويداء: موت مجاني وحوادث بالجملة

يمشي أبو أحمد مستنداً على عكّازٍ، منذ ستة أشهر، نتيجة حادث على أحد الطرق الفرعيّة المؤديّة لطريق دمشق السويداء، حيث صدمته درّاجة نارية. وأدى الحادث لكسر متفتت في ساق المصاب، فيما لاذ السائق بالفرار.

كان أبو أحمد قاصداً عمله صباح يوم مبكر، حين تعرّض للحادث، فمهنته كصانع نجارة بناء، تطلب منه لياقة بدنيّة سليمة لاتمام الأعمال بين يديه، لكنّ ذلك اليوم المشؤوم عليه وعلى أسرته، أحاله دون عمل يدرّ على منزله المال، منذ قرابة النصف عام.

يقول: لم أفهم لليوم كيف يغفو مسبب الحادث، قرير العين، وكأنّ ما فعله يملأ قبّان العفو والمسامحة عند كلّ أذى، أليس القضاء والقدر يكمنان بتقبّل حدوث الواقعة؟ أيّ فعلٍ هذا الذي يولّد أذيّةً لشخص، ويحول دون إدانة ومسؤوليّة لصاحبه؟

غالبيّة مراهقة تقود الدرّاجات.. ولا انضباط

في حديث للسويداء 24 مع أحد أصحاب الدرّاجات الناريّة، أفصح عن ما تحويه تلك الآليّة من أزمة حقيقيّة ومعضلات بقيادتها واقتناءها إن رافقها عدم ادراك، مقابل عوزها وقضاءها لالتزامات أشغال ناس كثيرين، حين يكون الهدف منها فعلاً، تلبية حاجة، لا إزعاج الناس، والتسبب بحوادث كثيراً ماتكون مميتة.

ما إن تتجول بشوارع المدينة والأحياء وحتّى القرى والبلدات، لترى دراجات نارية تسير دون أي ضوابط، تؤرّق المارة وسائقي المركبات بأنواعها، وجلّ سائقيها من الفتية والمراهقين، الذين يقودون درجاتهم بطريقة رعناء، ودون أي انضباط، ناهيك عن السلوك المروري الذي يتبعوه. يستاء الأهالي من ذلك السلوك، كالتفحيط والسرعة الجنونية، والصوت المزعج، والحركات البهلوانيّة كالقيادة على عجلة واحدة، التي تفتقد لأيّ نوع من السلامة أو الوقاية، وغيرها.

قانون في جيوب الشرطة

رغم عزم الحكومة السوريّة بفرض الحصول على رخص قيادة لأصحاب هذا النوع من الآليّات ثنائية العجلات، وإقرارها شروط اقتناءها وسيرها في الطرقات، بارتداء خوذة رأس، وعدم إصدار صوت ضجيج محركها، ومنعها أيضاً من المرور ببعض الطرق وأثناء أوقات محددة، تبقى التجاوزات عن تلك القوانين سيدة المشهد، يقول أحد الناشطين: إنّ ضابطي الطرقات المروريّة من عناصر الشرطة، ليس لهم اي دور في مكافحة هذه الظاهرة، فبعضهم يتقاضى الرشوة، أو “الإكراميّة” كما يحلو تسميتها بين طرفي تبادلها.

لكن غالبية الضوابط المرورية، لا حول لهم ولا قوة، في ظل ضعف دور الشرطة، بشكل عام على ساحة المحافظة، ومحاولات يائسة لمصادرة بعض الدراجات أحياناً، قوبلت من جماعات محلية باحتجاز دوريات أو آليات لشرطة المرور، لاسترداد الدراجة المصادرة.

هل يصحو الأهالي لتنتصر ثقافة الحياة.؟

برأي مختصّ اجتماعي في حديث مع السويداء 24، فإنّ مسؤولية كبح عدد الحوادث المروريّة الناتجة عن القيادة المتهورة للدرّاجات، يمكن بلوغها إذا ما حرص الأهالي على ابنائهم، وعملوا على إرشادهم وتتبع سلوكياتهم.

متوجّهاً بحديثه عن أهمية نشر الوعي المجتمعي بطريق حلقة الأسرة الواحدة، لما يقابله العامة من حوادث متكررة نتاج القيادات الرعناء وعدم الالتزام بقواعد السلامة المروريّة أو تطبيقها من الجهات المعنيّة.

وخلص إلى ضرورة الصحوة لدى أرباب العائلات، والإصرام بضبط سلوك بعض أبناءهم من فتية ويافعين، لما تشهده المحافظة من حوادث لدراجات نارية، منها خفيفة الأذيّة اودت لكدمات بسيطة، وأخرى متوسّطة الإصابات الجسديّة، وتاليها الكارثيّة التي قد تفقد الحياة!

حوادث المرور و روّعتها على كل سامع أو شاهد عليها، تبقى الأخطر منها والأكثر عرضة، لأصحاب الدرّاجات الناريّة، على ما تفتقده من عوامل أمان، سجّلت على إثرها شبكة السويداء 24 العديد من الضحايا والواقعات المؤسفة لاطفال ونساء ورجال. سنوياً، هناك ما لا يقل عن 15 حالة وفاة في محافظة السويداء، جراء حوادث الدراجات النارية.