من يخمد نار الفتنة في السويداء ؟

لا تزال حالة التوتر قائمة في حي المقوس، شرقي مدينة السويداء، لليوم الثاني على التوالي، نتيجة تداعيات اقتحام مجموعة مسلحة مدعومة أمنياً للحي، وقتل وخطف عدة أشخاص.

صباح اليوم الأحد، عثر الأهالي على جثة ليث ياسر بن صبح البداح، (20 عاماً)، مقتولاً بعيارات نارية في السهول المحيطة بسد الروم، شرقي السويداء. البداح من أبناء حي المقوس، كان قد فقد يوم السبت، أثناء رعايته المواشي، بالتزامن مع اقتحام مجموعة راجي فلحوط التابعة لشعبة المخابرات العسكرية، مسبحاً في المنطقة، بذريعة ملاحقة مطلوبين.

واستمرت ردود الفعل العشوائية، من أقارب ضحايا ومفقودي حي المقوس، فبعد العثور على جثة البداح، أصيب عصام محمود شجاع، بعيارات نارية، أمام منزل عمه في حي المقوس، جراء استهدافه من مسلح اطلق النار عليه أمام المنزل وهرب. شجاع ينحدر من قرية الرشيدة في ريف السويداء الشرقي، ولا صحة لما تم تناقله عن اقتحام منزله.

مصادر من أهالي حي المقوس، قالت للسويداء 24، إن وجهاء العشائر في الحي، يحاولون ضبط ردود الفعل العشوائية، ويرفضونها، وهناك اتصالات مع وجهاء وشيوخ المحافظة لاحتواء التوتر، لكن استمرار وجود مخطوفين لدى مجموعة فلحوط المسلحة، والعثور على ضحايا جدد، يعقد المشهد.

ونفت المصادر، الشائعات المتادولة عن ترحيل عشائر البدو لعائلاتهم بشكل جماعي، إنمّا هناك أعداد محدودة من النساء والأطفال، تم نقلهم إلى أماكن أكثر أمناً، بسبب الاستهدافات العشوائية التي تعرض لها الحي الليلة الماضية. ويؤكد أبناء العشائر، أن غريمهم معروف، وهو من اقتحم الحي، وخطف وقتل ابناءه.

كما طالب أهالي المقوس، من الجهات التي ترعى المجموعات المسلحة، وعلى رأسها المخابرات العسكرية، بوضع حد لها، وإيقاف مسلسل الفتنة الذي تسعى لإشعاله. مناشدين وجهاء ومشايخ السويداء، التدخل الفوري لوأد الفتنة.

مجموعة فلحوط، أعلنت عبر إحدى الصفحات التابعة لها، في رواية غير مقنعة، أن “ما حصل يوم أمس بأحداث طريق ظهر الجبل في حارة المقوس، اقتضى دورنا على مؤازرة الحدث بعد وقوعه وقمنا بالتعاون مع كافة الأطراف الفعالة  بحماية المدنيين”. ويبدو أن هذا الرد غير المنطقي، جاء نتيجة الرفض الواسع من كل أهالي المحافظة، بمختلف مكوناتهم، لممارسات التي ارتكبتها تلك المجموعة.

وفي حادثة منفصلة، بريف السويداء الشرقي، اختطف مسبحون مجهولون المواطن مأمون شريتح قريمط، من أبناء قرية أم شامة في بادية السويداء قبل يومين، وعثرت عائلته على دراجته النارية ملقاة قرب بلدة ملح.

أقارب المخطوف، ردّوا باختطاف ثلاثة مواطنين من أهالي ملح، هم: عدي بلان، نايل بلان، جوهر كمال، مطالبين الجهة الخاطفة لابنهم بالإفراج عنه، وهذا ما أدى لنشر حواجز من الطرفين في المنطقة، مع وجود مساعٍ للتهدئة، والإفراج عن المخطوفين من الجانبين.

ومع كل التطورات الأخيرة، يبدو حتى الآن، واضحاً ومفهوماً أن جهة محددة تتحمل مسؤولية كل ما يحصل، وهي نفس الجهة التي أطلقت يد المجموعات المحلية المسلحة، لتنصبها شرطياً على أهالي السويداء، تمارس من خلالها القمع والانتهاكات، وتشعل الفتنة بين أبناء البيت الواحد، ربما لتُشغل الأهالي عن الأوضاع الاقتصادية الخانقة، التي يعاني منها الجميع دون استثناء.

يذكر أن محافظة السويداء شهدت في الأشهر الماضية، مظاهرات احتجاجية، ضد سياسات السلطة، طالب الأهالي خلالها بتحسين الظروف المعيشية، فردّت السلطة بإرسال تعزيزات أمنية كبيرة إلى السويداء، تفوق 1200 عنصر، لا تزال حتى اليوم منتشرة في المباني والمراكز الحكومية، وكانت حجة السلطة وقتها: تفعيل دور الضابطة العدلية.

فأين تلك التعزيزات مما يحصل اليوم ؟ وهل عصابات الخطف والإجرام بمنظور السلطة هي الضابطة العدلية ؟ ولماذا لا تستنفر تلك السلطة إلّا عندما يطالب السكان بحقوقهم ؟