الفرقة 15 في السويداء: خدمة في العصر الحجري

يعاني عناصر الجيش السوري – الفرقة 15 قوات خاصة، المتمركزة في محافظة السويداء، وعلى أطرافها، من ظروف مأساوية، في مشكلة قديمة جديدة ضمن المؤسسة العسكرية، تزداد سوءاً مع تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد.

قبل أيام، نشرت السويداء 24، صورة لمخصصات الطعام من قطاع الزلف في بادية السويداء. وأثارت الصورة تفاعلاً واسعاً، للكمية القليلة المخصصة لمجموعة عناصر. وبعد انتشارها، وردت رسائل عديدة من قطاعات مختلفة، لعناصر من الفرقة 15، لم يجدوا أمامهم إلا وسائل الإعلام، لطرح معاناتهم.

الفوج 127: مناشدة لقائد الفرقة

أحد المجندين في الفوج 127، التابع للفرقة 15، تحدث في اتصال مع السويداء 24، عن معاناتهم من قلّة مخصصات الطعام، التي تصلهم كلّ ثلاثة أيام، ولا تكفيهم ليوم واحد. وعزز المجند روايته بصورة أرسلها للمخصصات التي تصلهم، لكل خمسة مجندين، ربطة خبز، وربع علبة لبن، وحوالي 2 كيلو غرام من البطاطا والبندورة والخيار.

وأضاف المجند الذي يفضل عدم ذكر اسمه، أن نقص المخصصات يجبرهم على الشراء من الندوة، ذات الأسعار السياحية، فالبيضة الواحدة سعرها 650 ل.س، وعلبة سجائر الحمرا 2000 ل.س. وقال ساخراً “مش عارفين حالنا سيّاح أو عساكر”.

مشكلة نقص مخصصات الطعام، ليست الوحيدة بالنسبة لعناصر الفوج 127، فحقّهم بالحصول على إجازة، لا يحصلون عليه، إلا بعد استجداء وترجي الضباط، ودفع الرشاوى لهم أحياناً، وفي حال اعترض العناصر، يكون ردّ الضابط: الأبواب مفتوحة أمامكم، إذا لم يعجبكم الوضع بإمكانكم الفرار من الخدمة.

ودعا المجند، قائد الفرقة 15، لإنصافهم، بالقول: “اللواء قائد الفرقة لا يقبل بهذا الوضع ومعاملته جيدة لنا، نطالبه بالاستماع لشكاوينا فليس لدينا خيار غير التوجه لوسائل التواصل الاجتماعي، ولا نريد لجان تفتيش جديدة، فكلما تأتي لجنة تفتيش يصبح الوضع جيداً بقدرة قادر، وعند انصراف اللجنة يعود للأسوء”.
الفوج 44.. حبة بطاطا لكل ثلاثة عناصر

لا يقلّ الوضع سوءاً في الفوج 44، التابع للفرقة 15، على طريق قنوات، فالضابط المسؤول عن الإجازات، يتقاضى 150 ألف ليرة، مقابل إجازة مدتها عشرة أيام، وهذا المبلغ، يتجاوز راتب معظم المجندين، الذي يبلغ وسطياً 130 ألف ل.س. وإذا لم يدفع العناصر هذا المبلغ، يضطرون للانتظار شهرين وثلاثة أشهر أحياناً للحصول على الإجازة.

وتبدو مشكلة مخصصات الطعام، مزمنة في معظم قطاعات الفرقة، فكل ثلاثة عناصر في الفوج، يحصلون على حبة بطاطا واحدة، ولا يوجد أي اهتمام بالطبخ المقدم لهم. يقول أحد عناصر الفوج 44: لا نطلب أكثر من حقنا، اغلبنا أمضى سنوات عمره وشبابه في الخدمة، المعاملة التي نتلقاها وسرقة مخصصاتنا مخالفة للقانون العسكري، وقائد الفرقة لا يبالي لشكاوينا المتكررة.

قطاع البادية: خدمة في العصر الحجري

تنتشر وحدات من الفرقة 15 في البادية السورية، ويصف عناصر يخدمون في تلك المنطقة حالتهم بالمزرية، “كأننا نعيش في العصر الحجري”، يقول أحد المجندين، إن مشكلة نقص مخصصات الطعام، وظاهرة “التفييش” ليست جديدة عليهم، وما يزيد حالتهم سوءاً، نقص المياه، وصعوبة التنقل، والخيم الممزقة التي يعيشون فيها.

ولا تعد هذه المشاكل جديدة في الجيش السوري، لكن مع تدهور الأوضاع الاقتصادية، ازداد وضع هذه المؤسسة تردياً، والتي يعتريها الفساد، كغيرها من المؤسسات. والمتضرر الأول: هو المجند المجبر على أداء الخدمة، في حين لا يوفر غالبية الضباط وسيلة لجني الأموال، والربح على حساب هذه المعاناة، ضمن شبكة فساد هرمية.