رأي| مواقف الشيخ الهجري الأخيرة تعيد التوازن للجبل

بكل ما تحمل مكانته من رمزية اجتماعية في محافظة السويداء، باتت مواقف الرئيس الروحي للمسلمين الموحدين، الشيخ حكمت الهجري، تمثل ركيزة أساسية، لا بدّ من الالتفاف حولها، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، والتصدي للعابثين بمصير الجبل.

الموقف الأخير الصادر عن سماحة الشيخ حكمت الهجري، في المطالبة بعزل رؤساء الأفرع الأمنية من مناصبهم؛ واصفاً أياهم بالمغتصبين لتلك المناصب، بعدما تسببوا بالفوضى وزرع الشقاق داخل البيت الواحد، هو ضبط للبوصلة، وتصويب نحو صلب المشكلة، التي تعاني منها المحافظة: السياسة الأمنية وعقليتها البعيدة عن روح القانون والدولة.

المراقب للأحداث في الفترة الأخيرة، يلاحظ نمو تيارٍ مدعوم من الفروع الأمنية، قوامه من العصابات المتورطة بالعنف والبطش والانتهاكات، والتي باتت ممارساتها تعكس بشكل واضح، رغبة الأفرع القمعية، في خرق حالة التوازن التي عاشتها المحافظة، طيلة السنوات الماضية، وإعادة المجتمع إلى قفص الرعب الأمني، دون أي اكتراث بأن هذه العقلية، كانت أبرز وأهم أسباب الانفجار المجتمعي في سوريا عام 2011.

ولم يكن موقف الشيخ الهجري الأخير يتيماً، فقد سبقه سلسلة من المواقف، خلال العامين الماضيين، أكد فيها انحيازه إلى هموم الشارع، وكان موقفه وكلماته في حادثة المقوس الأخيرة، التي هددت المحافظة بشبح حرب أهلية، صمام أمانٍ، وضع من خلالها النقاط على الحروف، من خلال رفض أي تعدٍ على أبناء العشائر البدوية، والتأكيد على وحدة المصير، بينها وبين العشيرة المعروفية وكل سكان الجبل قاطبةً. وليس بعيداً عن اليوم، الرسالة التي وجهها إلى أهالي سهل حوران، للتأكيد على العلاقة الأخوية،

وفي احتجاجات السويداء الأخيرة، وقف الشيخ حكمت، وحيداً، من بين كل المرجعيات والزعامات الاجتماعية والدينية، إلى جانب مطالب المحتجين، وأكد في تصريحاته، على المعاناة التي يعيشها السكان، وطالب المعنيين بالاستماع إلى وجع الناس، ورغم كل الاتصالات التي وصلته من أعلى المستويات في دمشق، لم يتراجع عن موقفه، وأشار إلى الكثير من مكامن الخلل والفساد.
ومع أفول نجم الكثير من الحركات والجماعات الأهلية، التي كانت تشكل حالة توازن في مرحلة من المراحل، بات ملحاً أن يعلو صوت العقل والحكمة، ويعيد حالة التوازن إلى الجبل، ويمنع أهله من الانزلاق إلى المزيد من الفوضى والتفكك والاقتتال. ويرى مراقبون بمواقف الشيخ حكمت الهجري الأخيرة، نوعاً من إعادة التوازن وضبطاً للبوصلة.

نعم، السويداء لا تعيش حالة تمرد أو ثورة، مطالب الناس صريحة وواضحة، لكن على أصحاب القرار أن يدركوا جيداً، أن استمرارهم في ذات النهج بالسياسات الأمنية والاقتصادية، لا يعيد الاستقرار إلى البلاد، إنما يهددها بانفجارات مجتمعية مؤجلة، فحاجز الخوف الذي يحاولون إعادته، حطّمه الناس منذ وقت طويل، ولن يعود، لذلك لخص موقف الشيخ حكمت الأخير مطالب معظم الناس بجملة واحدة: نحن مع دولة القانون مع الاستقرار والأمان للبلد ونريد أن نعيش حياة آمنة.


تنويه: المقالة تعبر عن رأي كاتبها، و لاتعكس بالضرورة رأي الموقع.