هل يحرّك الأطفال الضمائر المغيّبة عن معاناة المياه ؟

لا يمرّ يوم واحد في السويداء، إلّا وتتفاقم به معاناة الأهالي، للحصول على مياه الشرب لمنازلهم، بعد أن صارت مطيّة يعلّق عليها شعارات الحكومة النائمة عن واجباتها، ويسير بها مسؤولو المحافظة ليتصوّروا بجولاتهم، إلى الآبار ونقاط مديريّة الموارد المائيّة يعبّرون عن امتعاضهم ليس إلّا.

قرية الرحا جنوب مدينة السويداء، أطقت نداءً علّ المعنيين يسمعون، بأنّ العطش ضرب جميع منازلها، حتّى صار الأطفال يجولون بالقارورات البلاستيكيّة وما ساعدتهم أيديهم من بيدونات و وعاءات، يبحثون عن مصدرٍ للمياه يفي بيوتهم خطر العطش، وليس لأيّ استخدامٍ أخر من لزومه في الحياة.

الصور التي تداولها ناشطون وأهالي ونقلتها السويداء 24، أظهرت أطفالاً لم تتجاوز أعمارهم الثماني سنوات وأصغر بكثير، يضمّون وعاءاتٍ تسبقهم وزناً وحجماً، ليسيروا بها مسافاتٍ غير محدّدة الخطوات الصغيرة التي يخطونها، بحثاً عن قطراتٍ للشرب. ودون أيّ تعقيب لمسؤول أو تدخّل من مركز المحافظة وقياداتها التي طالما ما خرجت و دبّت بقراراتها على مسامع النّاس.

مشكلة مياه الشرب ليست حديثة الولادة في محافظة السويداء، بل إنّ الجديد هو غياب أصحاب المسؤوليّة عن المشهد بصمتٍ مريب، ينذّر بإفلاسٍ لا يحمد عقباه، ويرفع أيادي الحكومة خاليةً تلوّح بما هو كارثيّ يتلو موجة شحّ المياه التي فاقت في المحافظة منذ أكثر من ثلاث إلى أربع سنوات.

تعقيباً على اتهام السلطة السوريّة وحكومتها بالإفلاس،كي لا تندرج باتهامات جزاف، كان قد زار وزير الموارد المائية الأسبق حسين عرنوس عام 2019 محافظة السويداء، ليطلع على الواقع المائي فيها، وقدّم حينها عدداً من المقترحات التي يمكن أن تساهم في تحسين الواقع المائي في السويداء بشكل عام ومياه الشرب بشكل خاص.

الزيارة الفائتة بوعودها و بنودها وكلّ الطروحات الخلبيّة التي ظهرت من الوزير والمحافظ السابق للسويداء ابراهيم العشّي، في الشهر الأوّل من عام 2019، صرّحت عن دراسة معدّة ودقيقة للخروج بحلول سريعة تساهم في تحسين الواقع المائي، وفق عزمهم حينها.

ولفتت صفحة المحافظة ضمناً للاجتماع المنعقد بين الوزير والمحافظ والمعنيين وقتها، إلى أنَّ الوزير تحدث عن الدراسات الاستراتيجية لتأمين مياه الشرب على المدى البعيد وخطة حصد أي نقطة مياه بكل الوسائل الممكنة، لتتشابه تلك الوعود المصرومة منذ أربع سنوات بامتعاض جميع من تلاها لمحافظين للسويداء إن كان العشّي أو دبّيات وصولاً لمخلوف، جميعهم عبّروا عن امتعاضهم واستيائهم، وتوقّفت حلول لديهم إلّا بمعجزات من السماء.

السويداء عطشى، ربّما كان النداء القادم، بظلّ تخاذل قادات هذا الشعب البائس واليائس وامتناعه الالتفاف عن كرسيه في دمشق، وحتّى لا تصبح صور الأطفال تبحث عن قطرة ماء، هويّة بصريّة للأيام القادمة على المحافظة، تذكّر شبكة السويداء 24، بعشرات التقارير الصحفيّة المفضية لقضايا فساد، أثبتت صلات نفعيّة بين أمناء فروع الأحزاب ومعنيي مؤسسة المياه، وأيضاً رشاوى واكراميات بين مديرية الموارد والمحافظين، وأموال بالمليارات قدّمت للمحافظة بهذا الخصوص وتبخّرت، والضريبة أطفال تجول الشّوارع بحثاً عن مياهٍ للبقاء ولا مياه، فهل من آذانٍ تسمع!