السويداء: موسم “المكدوس” المستحيل

مع قدوم موسم المكدوس السنويّ على بلاد الشام المشتهرة بصناعته، وخاصةً سوريا، تقف السويداء بصفّ أخواتها من المحافظات، تتحفّظ عن الإقدام لتجهيزه كما جرت العادة، وفقاً للبورصة اليوميّة بغلاء الأسعار، التي يعيشها الأهالي يوميّاً حتّى على واقات الملح.

أسعار الخيال التي ضربت كامل المواد الغذائيّة في أسواق السويداء، لم تستثني بحكم سير السوق السوداء، على جيوب الأهالي، فحلّقت مواد صناعته لما يفوق ليس فقط دخل الفرد، بل حتّى مخيلته، بينما تكتفي الحكومة بوصايا للسوريين، كالتحلّي بالصمود الإيجابي.

بائع الخضار أبو عدنان، في ضواحي المدينة، يقول في اتصال للسويداء 24 : قفز سعر كيلو الباذنجان الأسود البلدي الصغير المخصص لتصنيع المكدوس إلى 600 ليرة وما يزيد إلى 800 ليرة، بينما نوع الحمصي المحبب للسوريين، فوصل إلى 1000 ليرة وأكثر، فليفلة حدّة أو حلوة حصّل الكيلو منها 2500 ل.س، بينما الفليفلة “اللفّاني” بالمذاق الوسط بينهما، فسجّل الكيلو منها 2000 إلى 2200 ليرة.

ولا تنتهي التحضيرات هنا لموسم المكدوس، الحفلة السنويّة في بيوت السوريين، فكيلو الجوز البلدي للنوعية الرخيصة تجاوز 40 ألف ليرة سوريّة، ووصلت الحبّة الكبيرة لنوعياته ومنها الجوز الأمريكي لحدود 70 ألف ليرة للكيلو، حتّى ملح الحشوة صخري كان أو معالج للطعام بالتصنيع، تخطّى الكيلو منه 4000 ليرة. ليقف زيت الزيتون العامل السحري لمذاق المكدوس، صداً لتحقيق الموسم للأهالي، بعد أن حققت التنكة سعر 300 ألف ليرة سوريّة، أمّا الثوم فحدث ولا حرج.

“كانت أمّي قديماً تجمعنا في أرض الدار مدخل منزلنا، نخرج حبّات الباذنجان المسلوق لنحشوه بالملح استعداداً لكبسه داخل أواني وصناديق بلاستيكيّة، مثقّلة بالحجارة”، تقول حنان للسويداء 24: بعد غلاء مواد التحضير لصناعة المكدوس، حُرمنا ليس فقط من تذوّقه ومونته، بل أيضاً من لمّات أمي التي رحلت وهي تقول لنا، حافظوا على موسم المكدوس. حافظوا على موسم لمّة الحب.

الطعام الشامي منذ القدم، والذي يحلّ على السوريين مع نهاية أيلول/سبتمبر ويمتد لتشرين أول/أكتوبر، صار من الماضي ملاحظة وعاءاته المغلقة بإحكام على أرفّ المونة في منازل الأهالي، وليتحوّل بعد عنونته طوال عشرات السنين بالطعام الشعبي، إلى فاكهة المائدة السوريّة، ومحلّة التواجد منه للطبقة الغنية فقط.