وعاد “الكسح” إلى الواجهة بفضل “القيادة الحكيمة”

منذ قديم الزمن، وعلى عقود متتالية من السنوات، ضلّت الأخوّة المعهودة بين أبناء السويداء، بدواً وحضراً، ترتّب على أبناء العشائر، إرسال “الكسح” بغية صدّ برد الشّتاء وصقيعه.

المادة التي كانت تأتي محمّلة على الجمال، من مراعي العشائر في المحافظة، بأسعار رمزية، ومجاناً في بعض الأحيان، كما تقول حكايات الأجداد، عادت إلى الواجهة مؤخراً، محملة على الجرارات، وبأسعار ليس بقليلة، تصل إلى 300 ألف ليرة سورية، للنقلة الواحدة، في ظل ارتفاع جنوني في أسعار وسائل التدفئة كالمازوت والحطب، وتخليّ الدولة عن دورها الرعائي.

وتعدّ مادة “الكسح”، من مخلّفات المواشي إبلاً و ماعزاً و أغنام، تُصنّع في فصل الصيف حين يغلق على الأغنام داخل الحظائر ، لتشكّل بتجمّعها من فضلاتها وترسّبها تحت أقدام المواشي، طبقةً تسمّى “الكسح”.

المادة التي أخفاها الزمن ونساها النّاس، والكثير من  الأجيال لا تعرفها، عاودت الظهور بعد تقاعس الحكومة السوريّة عن واجباتها بتأمين وسائل التدفئة الحضارية للسكّان، ومع قلّة توفّرها وصعوبة الاستغناء عنها من مالكيها، يقدّر ثمن النقلة الواحد بواسطة جرّار زراعيّ أو سيارة بيك أب صغيرة الحجم بسعر 300 ألف ليرة.

الكسح ما يريب هاجس سامعها اليوم ربّما، ويثير حفيظة من لم يعش تلك الأيام، من الصعب أن يتقبّل فكرة استخدامها من جديد، إلّا أنّه في عصرها، كانت من الوسائل الفريدة المدرجة بالاستخدام داخل المنازل، ولا سبيل لاستبدالها. ويبدو أننا بفضل (القيادة الحكيمة)، نعود إلى وراء عقوداً وعقود، فبينما يتطور العالم في إيجاد وسائل الطاقة، تتفنن الحكومة السورية في حرمان الشعب، من أبسط حقوقه.