البعث استنفر الجيش لتعبئة صناديق الانتخابات

تحقيق للسويداء 24 حول انتخابات الإدارة المحلية في السويداء للعام 2022.

بلغت نسبة ممثلي حزب البعث، “أصحاب العرس الديمقراطي” في السويداء، والذي ستتعلم منه أمريكا الديموقراطية، بحسب “الرفيق” ياسر الشوفي 86.19% من المرشحين لانتخابات الإدارة المحلية. حزب البعث الذي خطط، ونفذّ، وراقب العملية الانتخابية، لتعلو يده فوق يد الشرطة واللجان القضائية.

مصادر السويداء 24، أشارت إلى أنه من أصل 876 مرشح يوجد 755 مرشح بعثي، تم اختيارهم من قيادتهم، لاعتبارات كثيرة غالبها الرضا، أما من تبقى، فهم خليط ما بين مستقلين، وبعض ممثلي الأحزاب المرخصة “المرضي عنها”.

انتخابات محسومة النتائج

مرت العملية الانتخابية على أهالي المحافظة دون أي صدى، خارج المكاتب المغلقة ووسائل الاعلام الرسمية وشبه الرسمية، فقد كانت ميزتها “الصمت المطبق”، إلى درجة أن هناك مواطنين لم يسمعوا بها، فحتى الصور التي غالبا ما توزع بشكل عشوائي، مشوهة المظهر العام، غابت عن شوارع المدينة هذه المرة.

وفي وقت كان به الحديث عن برامج انتخابية ضرب من الجنون، اقتصر الأمر على بعض المرشحين الذين لا تتجاوز أعدادهم أصابع اليد، ممن وضعوا على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي ما أسموها برامج انتخابية، أما البقية اكتفوا بإطلاق الشعارات الفضفاضة، حتى أن المحافظة لم تتعب نفسها في تخصيص بعض الأماكن لإعلانات المرشحين.

أما المرشحون من “رفاق البعث”، هم يدركون أن ثقة القيادة بهم أهم وأكبر من أصوات الطبقات الكادحة، فاستبقوا النتائج وتبادلوا المباركات، فالنجاح قرار القيادة، وخاصة أن الناس قد أخذت موقفها منذ زمن واعتكفت عن المشاركة حفظا لكرامتها، إلا قلة ممن يعتمدون على العصبيات العائلية والعشائرية والمناطقية، يديرهم الحزب لصالح من ينتقيهم من قعر تلك العائلات.

وقد ظهر اللعب على تلك العصبيات عندما توجه “الرفاق” المرشحون إلى زيارة عائلاتهم وتفريعاتها وأفخاذها، مستنهضين كل تلك العصبيات ،متناسين جماهير حزبهم “العملاقة”، فالمنصب تشريف للعائلة ووجاهة لن تغيب عن جاهات العائلة والتقفير على مناسف الطبيخ.

حزب البعث استنفر كوادره للترشح

كما لم يغير الحزب الجبار سياسته في إدارة الانتخابات، فبعد أن كان عدد المرشحين وصل في اليوم الرابع من فترة التقدم للانتخابات نحو 70 شخصا، بدأ بأمر كوادره لتقديم طلبات الترشح أرادوا أم لا، حتى وصل العدد في اليوم السابع والأخير إلى 1483 مرشحا من بينهم 133 أنثى فقط، و143 مرشحا فقط دون سن الـ40 عاما.

أما فيما يخص المستوى العلمي للمرشحين، فقد كانت أكبر فئة لصالح حملة محو الأمية بكتلة 574 مرشح ومرشحة، إلى جانب الحاصلين على شهادة التعليم الأساسي وعددهم 279 مرشح، و191 يحملون الشهادة الثانوية، و113 شهادة معهد متوسط، و11 شهادة كلية عسكرية، و250 إجازة جامعية متنوعة، و20 شهادة هندسة و13 شهادة طب، و17 شهادة دبلوم، و13 شهادة دراسات عليا.

وعقب عملية الاستئناس الحزبي، وهي عملية داخلية للبعث، تدعي القيادة أنها تهدف لمشاركة الأعضاء باختيار ممثلي الحزب في الإدارة المحلية، إلا أنها سجلت العديد من عمليات الإقصاء لصالح المحسوبيات، الأمر الذي ترك استياء لدى الحزبيين أنفسهم، ما دفع بالبعض منهم للانسحاب من كل العملية.

واللافت أن تأخر صدور قوائم البعث، إلى ما بعد بدء فترة السبعة أيام الأخيرة، والتي يمنع القانون خلالها الانسحاب، أن يتجه المئات من البعثيين لتقديم انسحابهم من الانتخابات، كي لا يتعرضوا لعقوبات الطرد من الحزب وما يتبعها من تبعات أمنية، الأمر الذي شكل خرق أخر لقانون الانتخابات.

انتهاك القانون

تعددت الخروقات وتنوعت، فكثير من الشعب الحزبية هي من قدمت انسحاب مرشحيها الحزبيين بغيابهم ودون أي وكالة قانونية، كما أن الحزب رشح أشخاصا بشكل يخالف القانون أمثال أمين عام المحافظة وسيم عز الدين، صاحب النفوذ الكبير، ورئيس المكتب الصحفي في المحافظة سمير فليحان، وأشرف على تعين جميع اللجان الانتخابية من الرفاق البعثيين، فأصبح الحزب يرشح أعضائه ويدير الصناديق الانتخابية ويفرز الأصوات ويعلن فوزه، وحتى الشرطة المكلفين بحراسة المراكز بعثيين.

وقد جال اليوم أمين فرع الحزب يرافقه المحافظ، وهو عضو قيادة فرع ضمنا، على المراكز الانتخابية، رحب بهم الأطفال من منظمة شبيبة الثورة، في وقت كانت قائمة “الوحدة الوطنية” الوحيدة الحاضرة في المراكز الانتخابية صباح اليوم، ما يوجه المواطنين في ظل اليأس وعدم الاكتراث لوضع ذات القائمة في الصندوق، فما يزال الكثير يعتقدون أن عدم انتخاب قائمة البعث ستجلب لهم مسائلة أمنية.

انسحابات بالجملة

يشار إلى أنه عقب الانسحابات تبقى من 1483 مرشحا، 876 مرشحا، منهم 42 أنثى، و121 مستقلا وأحزاب أخرى، سيختار منهم 712 عضواً للمجالس المحلية بالسويداء موزعين بواقع 57 عضواً لمجلس المحافظة و75 عضواً لثلاثة مجالس مدن و580 عضواً موزعين على 20 مجلس بلدة و38 مجلس بلدية.

وقد فاز بالتزكية دون إجراء انتخابات بسبب تطابق عدد الأشخاص المرشحين مع عدد أعضاء المجلس، مجلس مدينة شهبا، و5 مجالس بلدة و18 مجلس بلدية، سادهم مرشحي البعث. في حين تم طي الانتخابات في بلدية كفر اللحف لعدم وجود عدد كافي من المرشحين، ولوحظ أن عددا من المرشحين أعلنوا اليوم انسحابهم اليوم في المراكز الانتخابية، ما سيرفع عدد المجالس التي لم تشهد عملية انتخابية إلى أكثر من 38% من المجالس المحلية.

وفي ظل معرفة البعث تدني مستوى مشاركة المواطنين في الانتخابات، لجأ إلى دفع الموظفين للانتخابات، والذين على ما يبدو لم يعودوا “يبيضون” الوجه، فأضاف إليهم بهذه الدورة العسكريين والشرطة، بالرغم أن الأمر مستهجن فالعسكري الذي يعيش داخل ثكنته العسكرية، ماذا يعلم عن ممثلي المنطقة واحتياجاتها، وهو الذي بالأصل مسلوب الإرادة يتبع توجيهات قيادته، وبالتالي أصبح هناك كتلة كبيرة نسبيا ستوضع أصواتها لصالح مرشحي البعث والمستقلين المرضي عليهم، كما حدث في انتخابات مجلس الشعب السابقة.

لقد كان من المحتمل أن تكون انتخابات الإدارة المحلية فرصة للانتقال إلى مرحلة تنمية حقيقية، وأن تظهر القيادة أنها تعلمت من الحرب درسا صغيراً وتسمح للمجتمع أن يختار ممثليه بعيدا عن القوائم الجاهزة والتعتيم على الأخرين، عله يتشارك مع السلطات المحلية في إجاد حلول لمشكلاته أو على الأقل إيجاد ألية لإدارة أزماته، إلا أنه على ما يبدو مستمرة في نهجها إلى النهاية.