تسوية السويداء: خذلان جديد ووعود ذهبت أدراج الريح

بعد انقضاء أكثر من شهر على افتتاح رئيس إدارة المخابرات العامة (أمن الدولة) اللواء حسام لوقا، مركزاً للتسوية في السويداء، مدعوماً من الفرقة الرابعة وبحضور لواء منها، وتجنيد لوقا كل طاقاته وأذرعه في المحافظة لإقناع المجتمع أنه جاء بتسوية غير مسبوقة، وكأن كل ما سبق من تسويات كانت منقوصة أو كاذبة.

وبحسب وعود لوقا، من المفترض أن تشمل التسوية إلى جانب العسكريين، اسقاط جميع الإجراءات الأمنية التي تطال المواطنين بسبب آرائهم أو نشاطهم المجتمعي أو المدني أو السياسي، إضافة إلى شباب الفزعة بوجه أي خطر هدد أمن المحافظة، بشرط عدم وجود أي ادعاء شخصي بحقهم، متحدثين عن وجود 35 ألف مطلوب من أبناء المحافظة.

وبالفعل تقدم نحو 1500 شخص إلى تلك التسوية بينهم العشارات من الناشطين، خلال الـ15 يوما الأولى، على مبدأ دعنا نختبر صدق النوايا أو دعنا نسير معهم إلى وراء الباب، وفق ما قال أحد الناشطين في اتصال مع السويداء 24.

ومع تأكيد جهاز أمن الدولة ورئيس فرع السويداء العميد سالم الحوش للجميع أن المسألة تمضي إلى شطب جميع الإجراءات الأمنية بحق من تقدم إلى التسوية، وأنه شخصيا وقع القرار من الأمن الوطني، لكن الأيام راحت تمضي وإلى اليوم لم تسقط الإجراءات الأمنية عن الناشطين. ليبدو أن كل ما في الأمر هو استقطاب الشباب إلى الخدمة العسكرية، في حين تنوعت الروايات عن أسباب التأخير منها أنهم يشطبون بضع عشرات الأشخاص يومياً، لتطول الأيام ولا نتائج ملموسة.

ويبدو أن اللواء لوقا يستنسخ تجربته الفاشلة في جارة السويداء درعا، وهو من كان عراب التسويات بدرعا، التي استمرت لأشهر وشملت العديد من أبناء درعا، وراح تكرر بمناطق وأشكال مختلفة، إلا أن من وثق بالأمر تعرض للاعتقال على الحواجز، حتى وصل عدد المعتقلين للمئات، إلى أن سقط برنامج التسوية بالاختبار، وبقي الوضع على حالة، عشرات ألاف المواطنين مقيدين بإجراءات أمنية على خلفيات سياسية أو مدنية.  

واليوم لا أحد يستطيع التكهن لمصلحة من هذا الفشل، هل هو لمن يتصدر مشهد ما يسمى “التسوية” أم من يتحكم بالقرار في دمشق، في وقت يتساءل به ناشطون لما هذا الإجراء، فإن كانت السلطة صادقة في نيتها بفتح صفحة جديدة مع السوريين، دون الإصرار على أخذ إذعان منهم وممارسة المزيد من الإذلال والترهيب، عليها أن تفتح مساحة جيدة من الحريات السياسية والمدنية وترفع سيف أفرع المعلومات عن حناجر السوريين وتفك أكبال الأفرع الأمنية عن أيديهم ليمارسوا حرياتهم بالتعبير عن آرائهم بجميع السبل السلمية كما ينص الدستور، وأن تسقط جميع الإجراءات الأمنية بحقهم، وأن تبيض المعتقلات، وتوقف انتزاع الاعترافات التي تريدها من المعتقلين بالحديد والنار، دون الحاجة إلى هذه المسرحية المسماة “تسوية”.  

يشار إلى أنه قبل التسوية الأخيرة كان في السويداء كغيرها من المناطق لجنة تسوية دائمة تنعقد بشكل شهري وتستقبل طلبات تسويات الوضع وبذات الإجراءات، لم تنجز شيء بحق الناشطين بل كان هدفها المستنكفين عن الخدمة، وأفراد العصابات، فيما لم تأتي لجنة لوقا الأخيرة بأي جديد، سوى المزيد من تكريس الخذلان والفشل وتجريم المواطنين، خارج الأطر القضائية والقانونية، وبالتالي تعميق الشرخ بينهم وبين الوطن والدولة، حتى أصبح المطلب الوحيد للصغير قبل الكبير إيجاد فرصة وإن كلفته حياته للهجرة أو اللجوء في أي مكان ولو كانت الصومال.