بينما كان ينتظر العميد وفيق ناصر، ترقيته إلى رتبة لواء، أحيل إلى التقاعد مع بداية العام الجديد، وانتهى تكليفه على ما يبدو في رئاسة فرع المخابرات العسكرية في حلب.
الضابط البارز في الاستخبارات العسكرية، الذي شغل عدّة مناصب منذ عام 2011، أبرزها رئاسة فرع المنطقة الجنوبية في محافظتي درعا والسويداء، اللتان يعرف سكانهما اسمه جيداً. فقد كان من أبرز المسؤولين عن الملف الأمني في المحافظتين، في أكثر الفترات حساسية وتعقيداً، حتى عام 2018، عندما انتقل لرئاسة فرع حماة، وبعدها حلب.
مهمته التي انتهت في السويداء عام 2018، كان لها أثر خطير على الوضع الأمني في المحافظة، فقد كان مهندس الجماعات المحلية المسلحة، التي تحوّلت لاحقاً لعصابات منظمة أغرقت السويداء بالفوضى والانتهاكات. كما اعتقل العشرات من نشطاء المحافظة السياسيين، والمعارضين، وبعضهم قُتلوا تحت التعذيب خلال اعتقالهم في الفرع.
الحدث الأبرز في عهده، كان عملية اغتيال الشيخ ابو فهد وحيد البلعوس، مؤسس حركة رجال الكرامة، باستهداف موكبه، ثم تفجير المشفى الوطني، مما تسبب بسقوط عشرات الضحايا من النساء والأطفال في عام 2015. أخرج ناصر مسرحية هزيلة حينها، عززت من شعور أبناء المحافظة، أنه المسؤول عن تلك المجزرة، فقد كان المتهم الاول فيها.
مجزرة لا تغيب عن أذهان أبناء الجبل، وكانت تحولاً في مسار الأحداث، بعدما خلقت عداءً كبيراً داخل الجبل مع السلطة كلها، وليس مع وفيق ناصر لوحده، الذي خرج كثيراً يهدد ويتوعد بانتهاء ما سماها حينها “ظاهرة رجال البلعوس”، فانتهى هو، وبقيت الكرامة في الجبل.
قد يكون هذا استعراض بسيط لسجل ضابط مخابرات، مليئ بالانتهاكات والقتل والعنف، ليس في السويداء وحدها، حتى في محافظة درعا، فهو من المتهمين بارتكاب مجازر وعمليات قتل وتصفية واسعة النطاق، نفذها الفرع الذي ترأسه لأكثر من خمس سنوات في الجنوب السوري. ولكن هذا الاستعراض، هو إضاءة بسيطة على ضابط يحال للتقاعد، ويعود إلى منزله بشكل طبيعي، ويداه غارقتان في الدماء.
ليس المتوقع بالتأكيد أن تحاسبه السلطة، فهو لم يكن إلّا ركناً من أركانها، ومنفذاً لسياساتها الأمنية. لكن في الوقت الذي تزخر فيه صفحات المباركين في التسريح، والثناء، تبقى الغصة في قلوب أهالي الضحايا على امتداد الوطن السوري، لعلّ العدل يسود يوماً، ويساق المجرمين إلى المكان الصحيح، خلف القضبان.