ودّع عشرات اليافعين والشبان عائلاتهم في مدينة السويداء، عند موقف محدد انتظروا فيه حافلة نقل الركاب، التي أقلّتهم إلى لبنان، في رحلة هجرة لا تبدو قصيرة.
التيار الكهربائي مقطوع، وبرد الليل تلاشى من حرارة دموع الأهل المودعين. وصلت حافلة لإحدى شركات النقل، ليستقلّها أكثر من 70 مسافراً، غالبيتهم تتراوح أعمارهم بين 15-30 عاماً، وتبدو آفاق الحياة مسدودة أمامهم في بلد مزقّته الأزمات، ولا زال يعاني من تداعيات الحرب المدمّرة.
حاولت السويداء 24 التواصل مع بعض المسافرين في الحافلة، فتقاطعت الروايات بينهم أن وجهتهم واحدة: لبنان أولاً، ثم أمريكا الجنوبية، التي تضم بعض الأقاليم التابعة لدول في لإتحاد الأوروبي، كجزيرة غويانا الفرنسية، وتمثل وجهة للراغبين بطلب اللجوء في أوروبا.
لم يفصح المسافرون عن الجهة التي تُنسق سفرهم، إذ يبدو أنه أحد مكاتب السفريات التي بات عددها لا يُحصى في مدينة السويداء. هذه المكاتب، يديرها أشخاص يرتبطون بشبكة من العلاقات، لتأمين عمليات السفر، سواء الشرعية منها إلى دول الجوار والخليج العربي، أو الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، والتي عادة ما تكون محفوفة بالمخاطر. في حين لا تقل قيمة أرخص رحلة غير شرعية، عن 6 آلاف دولار أمريكي، على الفرد الواحد.
لا يعلم غالبية المسافرين ما ينتظرهم، باستثناء بعض المعلومات التي يقولها لهم مقربون أو أصدقاء سلكوا نفس الطريق، ويظّن كثير منهم أن وصولهم إلى أوروبا او أقاليم تابعة لها، يكفي للحصول على اللجوء، في وقت باتت الكثير من الدول تشدد إجراءات اللجوء، ولا تمنحها بسهولة، حتى للسوريين.
أحد المسافرين، لا يتجاوز عمره 17 عاماً، طالب في الصف الثاني الثانوي، أوقف دراسته بعد أن عرض عليه أحد أصدقائه فكرة السفر. قال في حديث مقتضب مع السويداء 24: يمكن تكون رحلتنا للمجهول، لكن كمان بسوريا حياتنا للمجهول، بلكي نلاقي مكان مبدأ فيه حياة جديدة فيها أدنى مقومات العيش.
وارتفعت معدّلات الهجرة بشكل غير مسبوق خلال السنوات القليلة الماضية، في السويداء كما جميع المحافظات السورية، في ظل استعصاء الأزمات في سوريا، وانسداد آفاق الحل السياسي. حيث تشير ارقام غير رسمية، إلى أن ما لا يقل عن 10 آلاف شخص سافروا من السويداء العام الماضي..
الصورة منقولة قبيل انطلاق رحلة الاربعاء.