السويداء: حرمان آلاف الأسر من المساعدات.. من ينهبها ؟

تقف أم يوسف أمام مركز شكاوى منظمة الهلال الأحمر، بجوار الملعب البلدي في مدينة السويداء، ليس لاستلام السلل الغذائية كما اعتادت في السنوات الماضية، إنما لتقديم اعتراض على حرمانها منها.

السيدة الأربعينية التي اصطفت ضمن طابور يضم العشرات من المعترضين، يوم أمس الخميس، قالت للسويداء 24 إن استبعادها كان قراراً مجحفاً، فهي تعيل أسرة مؤلفة من خمسة أفراد، بعد وفاة زوجها في حادث عمل منذ ثلاث سنوات.

تضيف أم يوسف: هل يُعقل أن نُحرم من هذه المساعدة بينما رئيس الفرقة الحزبية في قريتنا وأقاربه يحصلون عليها، رغم أوضاعهم الجيدة، متسائلة: “عن أي دراسات ومعايير يتحدثون” ؟

وقبل شهر واحد، استبعدت منظمة الهلال الأحمر 3552 عائلة في محافظة السويداء، مبررة ذلك بمعايير محددة من الجهة المانحة: برنامج الأغذية العالمي. وقالت المنظمة إنها أجرت عملية إعادة تقييم منذ العام الماضي، واستندت لاستمارات الكترونية، تضمنت أجوبة كل مستفيد على أسئلة محددة، تتعلق بدراسة الاحتياجات  الأسرية.

المنظمة تنصّلت من دورها في قرارات الاستبعاد بالقول على لسان مسؤوليها: إن دور متطوعي الفرع انحصر بجمع البيانات فقط دون تحديد الاستحقاق من عدمه للأسر، لأن تحليل البيانات جاء من قبل الجهة المانحة.

وأعلنت المنظمة استقبال شكاوى المعترضين ضمن المراكز الهلالية في السويداء وشهبا وصلخد و القريا والرحى ونجران يومياً، ما عدا الجمعة إضافة لتخصيص رقم اتصال، بهدف النظر في شكاوى المستبعدين و”معالجتها أي أخطاء بعملية التقييم”.

مصادر السويداء 24 تشير إلى أن أعداد المعترضين بالمئات، ويومياً يتقدم العشرات باعتراضات في مراكز استقبال الشكاوى. بعض المعترضين يصبّون جام غضبهم أمام تلك المراكز، نتيجة شعورهم بالغبن في وقت يشاهدون المساعدات تباع في السوق السوداء، ويستفيد منها المتنفذون والبعثيون.

وتبدو عملية المعالجة مجرد بيع للأوهام، في ظل فساد يشوب آليات عمل المنظمة في توزيع سلل الإغاثة، حتى قبل قرار الاستبعاد، إذ أن الاعتماد على لجان منبثقة عن الفرع، واستئناس آراء المخاتير، ورؤساء الفرق التابعة لحزب البعث، وتحكّم السلطة الأمنية بآليات العمل، خلق شبكة هرمية من الفاسدين، تستفيد دون وجه حق من المساعدات.

وهذا ما يفسر انتشار المساعدات للبيع على الأرصفة وفي المحلات التجارية، فعند حصول غير المحتاجين عليها، يبيعونها في السوق السوداء، ليشتريها المحتاجون بأموالهم، رغم أن هذه المساعدات مجانية، وهي مساعدات دولية، ليست على الإطلاق هبة من النظام وحكومته. ومن المهم الإشارة إلى أن المساعدات الدولية تدفقت بشكل غير مسبوق بعد الزلزال الأخير باعتراف النظام نفسه.

وتعدّ منظمة الهلال الأحمر، والأمانة السورية للتنمية التي أسستها اسماء الاسد، أبرز جهتين مسؤولتين عن تنظيم العمل الإنساني واستقبال المساعدات الدولية، في غالبية المحافظة السورية، باستثناء الخارجة عن سيطرة النظام. وتشير تقارير صحفية، إلى أن هاتين الجهتين ساهمتا في نهب السلطة للمساعدات الإغاثية الدولية المقدمة للشعب السوري، “فعن أي حصار يتحدثون” ؟