السويداء: الرد على معاناة الأطباء بشعارات الصمود والتصدي

تحت شعار “أطباء السويداء مستمرو بالعطاء”، عقدت نقابة الأطباء مؤتمرها السنوي بحضور أمين فرع حزب البعث والمحافظ، ليتصدر المؤتمر عناوين الانتصار على “المؤامرة الكونية”، ويغيب عنه واقع الأطباء المرير.

الانتصار على المؤامرة الكونية، بدل استعراض المشاكل التي يعاني منها الأطباء، في وقت تهدد فيه الهجرة المستمرة للأطباء السوريين، القطاع الصحي بخطر الإنهيار، بالتوازي مع فشل الإجراءات الحكومية في الحد من هذه الظاهرة.

خمس مناوبات في الأسبوع والرواتب لا تكفي

طبيبٌ مقيمٌ في المشفى الوطني بالسويداء، استفزته طريقة الإعلان عن مؤتمر نقابة الأطباء السنوي، في ظل معاناة الكوادر الطبية بالقطاع الحكومي، وقال في اتصال مع السويداء 24: صدعوا رؤوسنا بالخطابات السياسية وتجاهلوا معاناتنا من ضغط كبير في العمل، والمناوبات التي تصل إلى 5 مناوبات في الأسبوع”.

وتحرم طبيعة عمل الأطباء من مزاولة عمل إضافي، أو حتى العيش حياة كريمة، يؤكد الطبيب أنّ راتبه الشهري لا يتجاوز 200 ألف ليرة في أحسن الأحوال، أي مايعادل أقل من 30 دولارا في الشهر لا تكفي أجرة الطريق.

وأضاف أن الأطباء ناشدوا الحكومة بإصدار قرارات تساعدهم بالبقاء في البلاد، وتحد من هجرة زملائهم إلى الخارج، إلا أن القرارات التي صدرت زادت الطين بلّةً وفق تعبيره. مشيراً إلى أنّ الطبيب السوري ملزم بدراسة 10 سنوات ثم تأتي الخدمة العسكرية والتي لا يعلم متى تنتهي وقد تمتد لسنوات تُنهي حياته العملية، فضلاً عن الرواتب الزهيدة التي “لاتسمن ولاتغني عن جوع”.

أطباء المستقبل يسعون للهجرة

التقت السويداء 24، مع عدّة طلاب من كلية الطب البشري بسنواتها المختلفة، واللافت في الأمر اتفاق غالبيتهم على الهجرة بعد التخرج والبحث عن الدول المناسبة لهم. ترى نور طالبة في السنة الخامسة في كلية الطب البشري بجامعة دمشق، أنّ مستقبلها خارج سوريا، حيث بدأت هي ورفاقها التحضير للسفر فور التخرج.

لافتة إلى أن العديد من زملائها سافروا فور تخرجهم، وتوزعوا في العديد من البلدان من بينها  الصومال واليمن والسودان وليبيا، بينما كان الأوفر حظاً منهم من استطاع الوصول إلى أوروبا أو كندا.

وكانت صحيفة الوطن، قد نوّهت في تقرير سابق لها إلى أنه يتم تخريج أكثر من ألف طالب وطالبة في جامعة دمشق، يسافر منهم ما بين 30 لـ 40 بالمئة إلى خارج البلاد.

وفي السياق اعتبر نقيب أطباء سورية الدكتور غسان فندي، أن هجرة الأطباء واقع يفرض نفسه بسبب الوضع المعيشي مشيراً إلى صعوبة رفع الأجور إلى الحد المطلوب حالياً ليتماشى مع الواقع الاقتصادي

سعيدون رغم الغربة

في الجهة المقابلة، يرى العديد من الأطباء السوريين المقيمين خارج البلاد، أنه رغم ظروف الغربة القاسية نسبيّاً، وساعات العمل الطويلة، فإنهم يتقاضون رواتب عالية تصل في ادناها إلى 1500 دولار وتصل إلى  آلاف الدولارات.

وكشف الطبيب هاني اختصاص في الجراحة العامة، أنه سافر منذ عام 2019 إلى دولة قطر، وبرغم غربته عن اسرته ومسقط رأسه، إلا أن راتبه الذي يتجاوز 10 ألاف دولار يعوضه عن غربةٍ كان يعيشها داخل وطنه. أما الطبيبة سوسن، فإنها سافرت مع زوجها إلى اليمن وأفسحت لهما رواتبهما العالية المجال لتأمين مستقبلهم، وأصبحت تساهم في مصروف أقاربهما في السويداء.

هذا الفارق الشاسع بين أوضاع الأطباء داخل سوريا، وأوضاعهم خارجها، ونسبة الهجرة المرتفعة بين الاطباء كما بقية الاختصاصات، مؤشر صغير من المؤشرات التي تؤكد أن المؤامرة الكونية انتصرت علينا، ولم ننتصر عليها، لذا لم تعد الشعارات السياسية عن الصمود والتصدي تسمن أو تغني من جوع، وعلى السلطة أن تبحث عن حلول فورية، قبل أن تفرغ البلاد، وينطبق شعارها الذي اطلقته في بداية الأحداث: الأسد او لا احد. فقريباً، لن يبقى أحد فعلاً.