السويداء: استمرار المبادرات الأهلية لتوفير الخدمات

في ظل تخلي الدولة عن دورها الرعائي، تبرّع هذا الرجل بأكثر من 150 مليون ليرة سورية، لتأمين مياه الشرب لبلدته في ريف السويداء، ولإنارة شوارعها، في مشروعين سُميا: الحياة، والنور.

إنه السيد خلدون جميل كنعان، من أهالي بلدة الرحى جنوب مدينة السويداء. انتشر اسمه على نطاق واسع اليوم الجمعة، بعدما وجهت له صفحة بلدية الرحى، شكراً على تبرعه بمبلغ 153 مليون ليرة سورية، خُصص لتأمين خط محيد عن القتنين الكهربائي، يغذّي بئري مياه في البلدة، إضافة لشراء 80 “كلوب” على الطاقة الشمسية، لإنارة شوارع البلدة ليلاً.

مساهمة السيد خلدون، حصدت تفاعلاً واسعاً من ابناء محافظة السويداء بشكل عام، وابناء بلدة الرحى بشكل خاص. كل المعلقين، أشادوا بمبادرته، فهو لم يبحث عن حل فردي لبيته فقط، بل قدّم حلولاً إسعافية لكل بيوت البلدة.

ولم ينسى الكثير من المعلقين القاء اللوم على تقصير الدولة. هذا التقصير الذي دفع المجتمع المحلي في السويداء، لتامين الخدمات على نفقته الخاصة. فيما تساءل البعض: ما هو دور الدولة إذن ؟ طالما أن الخدمات الرئيسية، يتحمل المجتمع الأهلي تكاليف توصليها، ثم يدفعون ثمن فواتيرها للدولة !

وفي بلدة الهويّا جهوب شرقي السويداء، تداعى الأهالي لصيانة مولدة كهرباء لبئر المياه المغذي لبيوتهم، على نفقاتهم الخاصة، ضمن مبادرة اطلقوا عليها: أيد بأيد لنقدر نشرب مي. وبحسب مصادر محلية، فقد جُمعت التبرعات، وتمت عملية صيانة المولدة بمساعدة عدد من أبناء المحافظة الذين يعملون في مجال الكهرباء والميكانيك من دون أي مقابل.

كما دعت فعاليات البلدة، للاستمرار في جمع التبرعات، تحسباً لأي عطل آخر يصيب المولدة أو بئر المياه، لكي يتم تأمين مياه الشرب لأهالي البلدة بشكل مستمر.

ومنذ بضعة أشهر، تشهد العديد من قرى وبلدات المحافظة، مبادرات أهلية مماثلة، لتوفير الخدمات الرئيسية، كالمياه، والاتصالات. والملفت أن الدولة التي يفترض عليها تحمّل هذه المسؤوليات، بات يقتصر دورها على الإشادة بالمبادرات الأهلية، وتوجيه بطاقات الشكر، وحشد الموظفين إلى المسيرات الموالية عند الحاجة.

لكن، قد تبدو هذه المبادرات الأهلية ضرورية ومهمة، في المرحلة الراهنة، بل وحتمية، فشعارات “ايد بأيد لنشرب مي”، و”مشروع الحياة” و”مشروع النور”، تدل على واقعٍ سيء يعيشه السكان، وعلى كارثة تنتظرهم، وسط هذه الظروف الاقتصادية القاهرة، وفي ظل الجواب المتكرر من المسؤولين: هذا ما لدينا !