السويداء: تطورات متسارعة تُنذر باقتتال عشائري

أشعلت جريمة قتل وقعت العام الماضي، فتيل أزمة بين عدّة عشائر في محافظتي درعا والسويداء، خلال الأيام القليلة الماضية، وسط مخاوف من الانزلاق لاقتتال عشائري، بعد ردود فعل من عشيرة القتيل، تمثلت بجرائم خطف وقتل.

منتصف تموز 2022، قُتل أيمن الرمثان في ظروف غامضة، على طريق بين محافظتي درعا والسويداء. اتهمت عشيرة الرمثان المنحدرة من قرية الشعاب في ريف السويداء، مجموعة أشخاص من عشائر مختلفة بقتله، مدّعية أن المغدور كان ضيفاً عندهم، وكمنوا له عندما غادر، ثم أقدموا على قتله وسلب أمواله وسلاحه الشخصي.

بدأت ردود الفعل قبل عشرة أيام، عندما اختطف مسلحون من عشيرة الرمثان، شخصاً يدعى أبو كساب عودة العميري، ثم ظهر في مقطع فيديو -اطلعت عليه السويداء 24- وأدلى باعترافات انتُزعت منه في ظروف غامضة، عن قضية مقتل أيمن. وذكر العميري في الفيديو أسماء مجموعة أشخاص، زعم أنهم اشتركوا في قتل الرمثان.

ردّت عشيرة العميرات ببيان قالت فيه إن ابنها عودة تعرض لتعذيب قاسي خلال اختطافه لدى عشيرة  الرمثان، وادّعت أن ابنها لا يعرف بعض الأسماء التي ذكرها في الفيديو الذي وصفته بالمفبرك. كما أعلنت عشيرة المخطوف قدرتها على الردّ بالمثل.

استمرت التطورات يوم الاثنين الماضي، عندما قتل مسلحون من عشيرة الرمثان، شخصاً ليس من المتهمين، وهو الشاب مرهف عليوي المهدي، المنحدر من عشيرة العمور، حيث أطلقوا النار عليه أمام منزله في قرية المطلة على طريق دمشق السويداء. عائلة القتيل اتهمت عشيرة الرمثان بقتل ابنها، الذي لا صلة له على الإطلاق بكل تفاصيل القضية.

من جانبها أقرّت عشيرة الرمثان، بقتل الشاب مرهف المهدي بالخطأ، وقالت إن أفرادها كانوا يقصدون قتل شخص يحمل نفس الاسم، لكنه من عشيرة العميرات. وأضاف بيان الرمثان: نتحمل كافة المسؤولية وما يمليه علينا الحق العشائري من أهل وعائلة المرحوم مرهف العمور، وننفي مشاركة أي شخص من الطائفة الدرزية في الحادثة.

ولم تتوقف ردود الفعل عند هذا الحد، فقد خطف مسلحون من الرمثان، شخصاً يدعى خلدون الشرعة، من عشائر اللجاة في ريف درعا، وهو أحد الأشخاص الذين ظهر اسمهم في اعترافات عودة العميري. ولا يزال خلدون الشرعة محتجزاً لدى عشيرة الرمثان حتى اليوم.

عشيرة الشرعة ردّت في بيان قالت فيه إن شهادة عودة العميري أبو كساب “زور وبهتان”، وأن ابنها خلدون “بريء من مضمون هذه الشهادة الباطلة ولا تربطه أي صلة بالأشخاص الذين ذكرهم عودة العميري”. وتوعّدت الشرعة بأنه في حال تعرض ابنها لأي مكروه “فإن الثأر سيكون من عشيرة الرمثان عموم في سوريا والأردن”.

كذلك صدر بيان عن عشيرة البيضيين، على خلفية ادعاء عودة العميري بمشاركة بعض أفراد العشيرة بقتل أيمن الرمثان. اعتبرت العشيرة أن شهادة العميري “غير مقبولة بالعرف العشائري ولا بالشرائع السماوية كافة”. وتساءلت “كيف تقبل شهادة احدهم تحت الضرب والتهديد بالقتل”. وحذّرت من أن أي اعتداء على أي من أفرادها.

مقابل ذلك، تتمسك عائلة أيمن الرمثان باتهامها للأسماء التي ذكرها عودة العميري، ويبدو أن ردود فعلها لن تتوقف عند هذا الحد، إذ قالت في بيان إن العميري اعترف أمام “شيوخ ووجهاء وجمع غفير من عشائر جبل العرب”.

وتشير مصادر السويداء 24، إلى تدخل العديد من وجهاء العشائر في سوريا والأردن، لمحاولة احتواء الأحداث، ومنعها من الانزلاق إلى اقتتال عشائري. وقال أحد وجهاء العشائر في اتصال مع السويداء 24: نجري اتصالات مع جميع الأطراف المعنية ونحاول التوصل إلى صيغة للحل ضمن الأعراف العشائرية السائدة.

يذكر أن النزاعات العشائرية ذات الدوافع الثأرية تصاعدت بشكل ملفت خلال السنوات الماضية في جنوب سوريا، مع تراجع دور القضاء المختص، وتخلّي الجهات المختصة بتطبيق القانون عن مسؤولياتها. لتبدو ملامح شريعة الغاب، مرتسمة على كافة تفاصيل المشهد.