شهدت محافظة السويداء زيادة كبيرة في عمالة الأطفال منذ عام 2011، وذلك نتيجة الظروف الأمنية والاقتصادية. تتزايد هذه الظاهرة بشكل متسارع وغير مسبوق، حسبما أفاد أحد العاملين مع الأطفال المتسربين في السويداء.
وأشار المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه ويعمل في أحد الفرق التطوعية، إلى انتشار ظاهرة استغلال الأهالي للأطفال للحصول على المال، سواء بسبب فقدان العائلة لمعيلها أو نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
وبحسب إحصائية غير رسمية حصلت عليها السويداء 24، يتجاوز عدد الأطفال الذين يحرمون من حقوق الطفولة الأساسية 1000 طفل، وبدلاً من أن يذهبوا إلى المدرسة، يعملون في مهن مختلفة، بعضها مجهدة، بهدف كسب المال. وفي معظم الحالات، يشغلهم أقاربهم.
ويتوزع غالبية هؤلاء الأطفال في مخيمين عشوائيين للنازحين في معامل الثعلة وسهول بلدة عرى غربي محافظة السويداء. نسبة عمالة الأطفال في هاتين المنطقتين مرتفعة بشكل مخيف، حيث تصل إلى 90% من إجمالي عدد الأطفال.
وتؤكد الأرقام التي تقدمها الفرق التطوعية وجود حوالي 100 طفل مسجل لديها في مدينة السويداء. بعضهم يقوم ببيع البضائع على الأرصفة، وتنظيف زجاج السيارات، وحتى يعمل بعض الأطفال في التسول. يمكن رؤيتهم في أي سوق في السويداء اليوم.
في ظل تراجع دور المؤسسات الحكومية في رعاية المواطنين، بما في ذلك الأطفال، تعمل بعض المنظمات المدنية على متابعة قضية عمالة الأطفال، مثل فريق شمس. يسلط الفريق الضوء على هذه القضية ويقدم حلول ودعمًا في إطار إمكانياته.
حقق فريق شمس، الذي تأسس قبل ثلاث سنوات، نجاحًا في إعادة عدد كبير من الأطفال إلى مقاعد الدراسة، بتوفير النقل المجاني لهم. ينظم الفريق حملات لتوزيع المعاطف والأحذية للأطفال، وتلبية بعض احتياجاتهم في المخيمات العشوائية.
كذلك يساهم الفريق في حملات توعوية ضد عمالة الأطفال، مثل حملة “أوقفوا عمالة الأطفال” التي تستمر لمدة 12 يومًا منذ بداية الشهر، كما أعلن الفريق على صفحته الخاصة على فيسبوك.
على الرغم من ذلك، فإن الجهود الفردية وحدها لن تكون كافية، فإنه يجب أن يتعاون المجتمع بأكمله للتصدي لهذه الظاهرة المؤلمة، من خلال المبادرات الأهلية. ومن الضروري أيضاً الضغط على المؤسسات الحكومية لتحمل مسؤولياتها تجاه هذه الفئة المحتاجة. فالأطفال هم الحلقة الأضعف في المجتمع، ومكانهم الطبيعي والمناسب هو في المدرسة، لا على أرصفة الشوارع المليئة بالصعاب.
لا شك أن الواقع قاسٍ على كل الفئات، لكن التغيير يمكن أن يحدث بتضافر الجهود والعمل المشترك لمعالجة هذه المشكلة. إنه واجبنا الإنساني والأخلاقي أن نسعى جاهدين لضمان مستقبل أفضل لأطفالنا، وأن نخلق بيئة آمنة لحياتهم.
يذكر أن السادس من يونيو في كل عام، يعتبر اليوم العالمي لمكافحة عمالة الأطفال، وهو يوم أطلقته منظمة العمل الدولية بهدف توعية المجتمعات بخطورة انتشار هذه الظاهرة.