سوريون باعوا منازلهم للسفر دون أن يصلوا وجهتهم

في زحمة الأفكار، وقفت العائلة تودع آخر معاقلها في السويداء، بعدما بدّلوا المنزل بتذاكر طيران إلى المجهول باحثين عن الأمل. من السويداء إلى بيروت ثم تركيا حاملين أحلامهم، استعدوا لصعود الطائرة باتجاه فنزويلا، ولكن رجل أمنٍ تركي أخبرهم بلغةٍ لم يفهموها “ممنوع صعود الطائرة” !

وجوه الأطفال البائسة ودموع وتوسلات الأم ومحاولات الأب الاتصال بمكتب القطع لم يشفع لهم “اوراقنا نظامية ولدينا الفيزا السياحية التي حصلنا عليها من سفارة فنزويلا بدمشق، وتذاكر العودة والحجز الفندقي”.

وسط المطار وقفوا حائرين، هدير الطائرة يشتد وينذر بالإقلاع، أمتار قليلة بينهم وبين حياةٍ جديدة رسموها في خيالهم، يمنعهم عنها رجال أمنٍ اتراك وقوانين مجهولة وإهمال دولتهم لرعاياها.

محمّلين بحقائبهم وهموم كبيرة تكسر ظهورهم وخسارة أكثر من 3 آلاف دولار ثمن التذاكر وثم إجبارهم على قطع تذاكر جديدة للعودة الى بيروت وبعدها إلى سوريا، عاد أفراد العائلة إلى وطنٍ باعوا منزلهم فيه فأصبحوا غرباء في غربةٍ تدّعي أنها وطنهم!

الحادثة لم تكن الوحيدة فقد وثقت السويداء 24 ثلاث حالات مشابهة خلال فترة وجيزة، بينما قالت مصادر موثوقة إنّ أكثر من مئة مسافر سوري تعرضوا لترحيلهم من مطارات تركيا أثناء محاولتهم السفر إلى فنزويلا بحجة أنّ الحكومة في فنزويلا هي من طلبت منهم ذلك “لاتسمحوا للسوريين الذين يحملون فيزا سياحية بالعبور عبر مطاراتكم إلى فنزويلا”.

ويقصد الكثير من السوريين فنزويلا إما للاستقرار فيها، أو للانتقال إلى مناطق تتبع للاتحاد الأوروبي في أمريكا الجنوبية، لتقديم اللجوء هناك والانتقال بعدها إلى الأراضي الأوروبية. وتشير تقارير صحافية إلى عمليات احتيال واسعة النطاق تطال السوريين في هذه الرحلات، من سماسرة ومكاتب سفر.

قال أحد المتضررين للسويداء 24: إن موظفي السفارة أخبروه إنّ المشكلة في مطار تركيا وأن لادخل لهم بهذه الإجراءات ويأملون في حلها قريباً، الأمر الذي لم يصدقوه فكيف لدولة (تركيا) أن تمنع مسافرين يحملون اوراقا نظامية العبور عبر مطاراتهم دون إتفاق مع الدولة المستضيفة (فنزويلا).

عشرات العائلات طالبت الحكومة السورية باتخاذ الإجراءات المناسبة لمنع حدوث هكذا امر ولا سيما انه ما زال لديهم امل فالفيز السياحية تنتهي صلاحيتها بعد عدة أشهر متأملين إيجاد حل وايجاد طريقة مناسبة للوصول إلى مقصدهم.

وتجتاح سوريا أزمة اقتصادية قد تكون الأسوأ على مر تاريخها بعد حرب طاحنة وانسداد آفاق الحل السياسي، فانهار الاقتصاد وأضحى أكثر من تسعين بالمئة من الشعب تحت خط الفقر وفق تقارير أممية، كل ذلك جعل المواطنين يبحثون عن حياة جديدة خارج حدود الوطن.