“خدعونا.. نحن في أوكرانيا بين الحياة والموت”

“كنت مفكر الموضوع أبسط من هيك، فجأة زتونا على الجبهة بين الج.ثث والقذائف والقصف.. انقذونا ورجعونا.. نحن بين الحياة والموت”..


تكشف هذه الرسالة الصوتية التي حصلت عليها السويداء 24 حصرياً، دليلاً إضافياً على توريط متطوعين سوريين في حرب روسيا على اوكرانيا، وخداعهم بحقيقة الأوضاع هناك، وعن أهوال الحرب التي تشنها روسيا منذ أكثر من سنتين.


التسجيل الصوتي الذي أرسله سوري يقاتل إلى جانب روسيا في أوكرانيا، كان آخر رسالة منه تصل إلى عائلته في سوريا، قبل أكثر من اسبوع، إذ انقطعت أخباره مع رفاقه بعدها، كما أكد أحد أقاربه للسويداء 24.


استغاثة من الموت


يستغيث الشاب العشريني الذي تفضل عائلته عدم ذكر اسمه، بإعادته إلى سوريا، بعدما أكد وقوعه في فخ الخداع من الروس، وسماسرة الاستقطاب، الذين أوهموه أن مهمته ستكون في الخطوط الخلفية، ليتفاجأ بزجه مع مجموعة من رفاقه على خطّ النار.


قريب الشاب، أكد للسويداء 24، أنه كان من ضمن آخر دفعة جماعية غادرت من سوريا إلى روسيا، للتطوع في صفوف القوات الروسية، في أواخر شهر شباط/فبراير الماضي. وبعد خضوعهم لسلسة إجراءات للتجنيد في روسيا، زُج بهم على جبهة إقليم لوهانسك، وهي إحدى المناطق الاوكرانية التي احتلّت روسيا مساحات واسعة منها، وما تزال العمليات القتالية في بعض مناطقها على أشدّها.


ولفت المصدر إلى أن الشاب تم تجنيده عبر وسيم فواز الدمشقي، الذي كان مسؤولا عن استقطاب ثلاث مجموعات من السوريين إلى حرب أوكرانيا، بين كانون الأول 2023، وشباط 2024، قبل أن تلقي الأجهزة الأمنية السورية القبض عليه منتصف آذار الماضي، بتهمة تزوير وثائق سفر، وفق ما أكد مسؤول أمني سوري، للسويداء 24.


خداع ومصير مجهول


المصير المجهول الذي يواجهه صاحب التسجيل، ليس يتيماً، فهناك مجموعة من السوريين يواجهون نفس الظروف، من بينهم الشاب م.ب، الذي تواصلت السويداء 24 مع أحد أقاربه في السويداء قبل يومين، وتحدث عن انقطاع الاتصال معه منذ أكثر من اسبوع.


المصدر أكد أيضاً أن وسيم الدمشقي كان المسؤول الأول عن خداع قريبه، فقد أوهمه أنه سيسافر في مهمة لحماية المنشآت، مقابل راتب شهري مغرٍ، وأنه سيكون بعيداً عن جبهات القتال وسيحصل على الجنسية الروسية، مشيراً إلى أن الظروف المعيشية القاهرة، دفعت الشاب للمجازفة بحياته وقبول العرض، قبل أن يتفاجأ بإرساله إلى جبهة مشتعلة.


ولفت المصدر إلى ان الاتصال انقطع مع م.ب، منذ أكثر من عشرة أيام، حيث بات التواصل معه صعباً للغاية منذ أن تم إرساله إلى الجبهة. “وردتنا معلومات لم نتحقق منها أن قد يكون تعرض للسجن بسبب مخالفته الأوامر العسكرية، وليس لدينا أي وسيلة للتواصل معه ومع رفاقه”.


حقائق عن التجنيد


وكانت السويداء 24، أول وسيلة إعلام محلية تكشف بدء روسيا باستقطاب السوريين إلى حربها في اوكرانيا، في تحقيق نشرته الشبكة بتاريخ 30 كانون الأول 2023. وأفردت بعدها الشبكة عدة وثائق، من بينها مقطع فيديو من داخل مركز للتجنيد في موسكو، يظهر فيه متطوعون من سوريا ومصر.


ووثقت السويداء 24 في تقاريرها، استقطاب ثلاث مجموعات خلال شهرين، عبر المستقطب وسيم الدمشقي، وقد مرت هذه المجموعات بظروف مختلفة، فمنهم من استطاع الانسحاب من الخدمة، وبعضهم رفضت روسيا تجنيدهم وأعادتهم إلى سوريا، فيما كان حظ بعض الشباب سيئاً بعد زجّهم في لهيب الحرب.


يذكر أن المجموعات التي تم أرسالها إلى روسيا، تعرض أفرادها للاحتيال من المستقطبين، سواء بالأموال، أو بطبيعة المهام التي سيذهبون لها. وقد توقفت عمليات إرسال المتطوعين في السويداء على أقل تقدير، منذ أن القت الأجهزة الأمنية السورية القبض على وسيم الدمشقي، أحد أبرز السماسرة.


ويشار إلى أن العديد من الشباب الذين زُجّ بهم على جبهات القتال، يناشدون لإنقاذهم من هذه الحرب بعد الخداع الذي تعرضوا له. فيما لا يزال بعض السماسرة يحاولون تجنيد مجموعات جديدة، عبر تقديم عروض كاذبة لهم، فهل سيستمر إرسال السوريين المنهكين من الحرب في بلادهم، إلى جحيم حرب أخرى ؟