وسط أجواء الحزن والحسرة، شيّع الآلاف من أبناء الطائفة الدرزية في الجولان المحتل والجليل والكرمل جثامين اثني عشر طفلاً قضوا في هجوم صاروخي استهدف ملعباً لكرة القدم في بلدة مجدل شمس يوم أمس السبت.
فتية وأطفال صغار كانوا يتنافسون في ملعب لكرة القدم يقع في وسط البلدة، لكن صاروخاً غادراً سقط بينهم وحسم نتيجة المباراة، فارتقى منهم اثنا عشر طفلاً أكبرهم بعمر 16 عاماً وأصغرهم بعمر 10 سنوات، وأصيب نحو 40 آخرين بجروح متفاوتة، بعضهم في حالة حرجة.
أهالي الضحايا في مجدل شمس، وفي موقف صريح خلال مراسم التشييع، رفضوا أي استثمار سياسي في مصابهم، وقالوا إن الأمر الأساسي الذي يُلزمهم هو الموقف الإنساني البعيد كل البعد عن أي توجه آخر. “موقفنا اليوم موقف حزن وحداد وخشوع، وندين استهداف المدنيين في كل مكان وفي كل زمان ومن أي جهة كانت”.
وفي رسالة إنسانية تحمل دلالات عميقة، لفّ المشيعون جثامين أطفالهم باللون الأبيض، اللون الذي يرمز إلى السلام. فرغم الفاجعة التي ألمّت بهم، لم تصدر عنهم إلّا المواقف والتصريحات المتوازنة التي تدين القتل بكافة أشكاله، وترفض الاستثمار بدماء أطفالهم الأبرياء.
الحدث المؤلم الذي هزّ المنطقة برمتها وتجاوزت تداعياته بلدة مجدل شمس وسكانها المسالمين الرافضين لكل أشكال الحروب؛ لم تعهده هذه البلدة منذ حوالي مئة عام كما قال أحد سكانها في اتصال مع قناة العربية.
إسرائيل اتهمت ح.ز..ب الله بالمسؤولية عن الهجوم الذي قالت إنه نُفذّ بصاروخ إيرا..ني الصنع، بينما نفى الحز.ب مسؤوليته بعدما كان جمهوره يهلل للضربة، ذلك في ظل غياب أي بوادر لتحقيق شفاف ومستقل يكشف هوية منفذ هذه الجريمة المروعة.
أياً كان القاتل، لن يغير في النتيجة شيء كما يقول أحد أبناء مجدل شمس، فالطرفان في حرب مستعرة منذ العام الماضي قواعدها وضوابطها تُرسم بدماء الأبرياء في هذا الشرق الأوسط التعيس الذي حُكم على سكانه أن يكون الموت والدمار مشهداً يومياً ملازماً لحياتهم.
مجدل شمس، البلدة الجولانية المرتبطة بوجدان كل أبناء الطائفة التوحيدية في الشرق الأوسط وشتّى أصقاع العالم، لما لأهلها من مواقف إنسانية لا تعد ولا تحصى في كل المحن؛ تودّع أطفالها اليوم بالألم والحسرة، ورسالتها واضحة: “اتركونا نحزن على أطفالنا ولا نريد الموت لأطفال آخرين في أي بقعة من هذا العالم”.