فضيلة الشيخ “موفق طريف” يخاطب أبناء السويداء بشكل خاص وعموم الطائفة .. والسبب ؟!

صدر بيان عن الرئيس الروحي للطائفة الدرزية فضيلة الشيخ “موفق طريف”، يوضح موقف الرئاسة الروحية للطائفة من حالات الانتحار المتزايدة في محافظة السويداء خلال الآونة الأخيرة.

وحصلت السويداء 24 على نسخة البيان الصادر اليوم الاثنين 7-12-2019، والذي تخاطب فيه الرئاسة الروحية أبناء الطائفة الدرزية في محافظة السويداء وعموم المنطقة، جاء فيه:

(بيان وموقف الرئاسة الروحية لطائفة الموحدين الدروز من قضية الانتحار:

بسم الله الرحمن الرحيم
سبحان الذي أبدع الكون بما فيه بقدرته وعظمته، وأودع فيه من سرّه وحكمته، وجعل الإنسان غاية الخلق وأشرف الموجودات، وأرسل سبحانه وتعالى الأنبياء والرسل الكرام مُبشرين بدينه الحق، عبر كافة الأديان، للإنسانية جمعاء، لإرساء كلمة التوحيد، وبناء المجتمع الإنساني المثالي، متوجاً بالفضيلة والتقوى والصلاح، منذ بدء الخليقة وحتى يوم يُسمَعُ فيه النفير، يوم قيام الساعة.
وما كانت الروح التي بين جنبينا إلا هدية الله إلينا لنمارس بها دورنا في الحياة الدنيا خيرا وعرفانا، وقد حذّرنا الباري تعالى مِن المساس بها إذ قال، وهو خير مَن قائل: “ولا تقتلوا النفس التي حرَّم الله إلا بالحق”، فبأيّ حق نُزهِقُ أرواحَ الناس أو أرواحنا؟ فكل من تسول له نفسه انتزاع الروح من غيره، أو من نفسه، يرتكب جريمة نكراء يُحاسَبُ عليها قانوناً وعدالةً، دُنيوية ودينية، في عاجل الدنيا وآجل الآخرة.
وأشد واشنع القتل، وابغضهُ، الانتحار، فقد حرّمت الأديان كافة الانتحار. جاء في الكتاب المقدس، قديمهُ وجديدهُ، ما معناه: إن الروح هي وديعة من الله سبحانه وتعالى ولا يحق لنا ان نقتلها بأيدينا، وجاء في الانجيل: إذا أقدم شخص على الانتحار فلن يحصل على الخلاص والإيمان بيسوع المسيح، عليه السلام، وجاء في القرآن الكريم: “ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً”.
واوحى الحق تبارك وتعالى لنبيه آدم عليه السلام: “يا آدم بيني وبينك ثلاث كلمات: كلمة لي وكلمة لك وكلمة بيني وبينك، أما التي لي فروحك لي وليس لك فيها شيء، وأما التي لك فعملك لك وليس لي فيه شيء، وأما التي بيني وبينك، عليك بالتوبة وعلي بالقبول.
واستناداً الى روح ما تقدم أعلاه، وغيرهُ مِن المواعظ والأوامر والتوصيات الربانية، فإني اتوجه الى أبناء طائفتنا المعروفية جميعهم، في ظل بعض كوارث الانتحار التي حدثت مؤخراً، وخاصة جيل الشباب، مشيراً الى أن الابتعاد عن القيم والعادات المعروفية الحميدة المتوارثة، والانزلاق الى عالم الأوهام والقشور الزائفة أو الانزلاق في عالم المحظورات، وإباحة المحرمات وإتباع الشهوات، دون وعي ودون رادع زمني أو ديني كابح، يجعل الانسان منا يعيش حالة الفراغ والقلق، ويدفع بالبعض من ضعاف النفوس الى التفكير بالانتحار أو الاقدام عليه، ولأتفه الأسباب احياناً، وما من مشكلة في هذه الحياة ، أيها الأخوة والأخوات، إلا ولها الحل الأقرب والأنسب، ألا وهو التوكل على الله، والرضى بقضاه، والصبر على بلواه، و التأني، والنظر الى الحياة بعين الإيجابية البحتة، فالحياة المقدسة هي التي نبني فيها أنفسنا، ونبني آليات لحل المشكلات، أو اجتنابها والابتعاد عنها، وليس الانغماس في متاهات الفوضى المؤدية الى التيهِ والضياع، وإلى كره الحياة وتفضيل الخلاص منها، عوضاً عن مقارعتها ومكاسرتها والوقوف بصلابة في وجه مسببات احباطاتنا وعدم الرضوخ لها . ولنتذكر دائماً ان الانتحار ليس الا جريمة وأنهُ ليس حلاً مهما جاءت ألوانه وأصنافه، وأن عقاب الله سبحانه، لِمَن اتخذهُ وسيلةً، عقاب ليس بعده عقاب، حرمان مِن رحمتهِ وابعاد عن جناته، مُبعد محرومٌ محروم.
لكل مشكلة حل وما كان اليأس من الحياة حلاً فمن يستطيع الصبر على صعاب الحياة يستطيع عبور حالات اليأس عن طريق طرق أبوابا جديدة أو بدايات بديلة لعل فيها فرج من الله تعالى الى جانب التوجه الى مختصين أو إخصائيين للعلاج أو المساعدة أو الاستشارة ولا ننسى دور رجال الدين والمجتمع فيمكن الاستعانة بهم والاستماع الى نُصحهم قبل سلوك طريق لا عودة منها دينيا أو دنيوياً.
وأخيرا فإني أُهيب بأبنائنا جميعا ً، الابتعاد كليةً عن الاقدام على هذه الجريمة النكراء (الانتحار) وبواعثها، والكُفر بمسبباتها، ومناهضتها والابتعاد عن كل ما ومَنْ يقرُب اليها. إن مجتمعنا بحاجة إلى شباب وشابات ينهضون به قُدُماً، ويرقون به الى العُلى أدبا وعِلْمَاً وشرفاً وكرماً وحميد خصال وسجايا معروفية، لنفوز بالأفضل دوما، ولنبقى كما الآباء والأجداد، منارات تُضيء طُرُق الآخرين، ولنتذكّر دائماً أن آداب الدين قبل الدين…
علينا، أيها الأبناء والأخوة الأعزاء، أن نحمل بأيادينا مشعلين، مشعل العادات والتقاليد المعروفية الكريمة الحميدة بيد، ومشعل التقدم والتطوّر علمياً باليد الأخرى، لننهض معا نحو الفضيلة والصلاح والإصلاح.
لنأخذ عن “المتقدمين” علمهم وتطورهم واختراعاتهم البناءة، ولنترك لهم عاداتهم وسلوكياتهم المدمرة التي نحن بعيدين عنها كل البعد في معتقدنا وخصوصياتنا وسلوكياتنا وعاداتنا التي لقنت العالم الحضارة التي يزعمون انهم بُناتها اليوم .
واختم بقولٍ عن لسان الله تبارك وتعالى: “انا الله ولا إله الا أنا من لم يصبر على بلائي ولم يرض بقضائي فليتخذ ربا سواي”.

            أخوكم 
            موفق طريف 

الرئيس الروحي للطائفة الدرزية

جولس – 07 يناير 17 الموافق ‏01‏ جمادى الأولى‏، 1440)

وسجلت محافظة السويداء تزايداً في حالات الانتحار خلال العام الفائت 2018 مقارنة بالأعوام السابقة، إذ رصدت السويداء 24 خمسة وعشرين حالة انتحار، بمعدل حالتين شهرياً.

جميع المنتحرين كانوا من الذكور، تراوحت أعمارهم بين 15 عام و52 عام، وكان القسم الإكبر من فئة اليافعين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 عام و26 عام.

بطالة وظروف اقتصادية سيئة، مشاكل نفسية وضغوط عائلية وفشل عاطفي، انتشار للمخدرات بشكل واسع، فضلاً عن سهولة وصولها لكافة أفراد المجتمع، وغياب دور الحكومة والمجتمع، وقلة الوعي الديني، أسباب عديدة تدفع بعض الشبان لزهق أرواحهم، وفق ما يشير أحد المختصين.

وطالب الناشطون الهيئات الدينية في محافظة السويداء والجهات الحكومية والمجتمع بشكل عام، أخذ دورهم بشكل فعال للحد من مشاكل الشباب وتوعيتهم، وإيجاد الحلول المناسبة للمعوقات التي تواجههم.