20 مليون.. تمثيلية تحصد ضجة واسعة في السويداء والحقيقة؟

ضجت مواقع التواصل الاجتماعي في السويداء، بخبر يدعي عثور شخص على مبلغ مالي كبير وتسليمه لأصحابه، لينتشر كما تسري النار بالهشيم.

وبدأت الحادثة بعد نشر حساب وهمي على “الفيس بوك”، رسالة مناشدة عند أحد الناشطين، يدعي فيها فقدان مبلغ مالي يقدر بحوالي 20 مليون ليرة، وخلال فترة قصيرة، ظهر حساب أخر يحمل اسماً صريحاً، وادعى العثور على المبلغ، وتسليمه لأصحابه.

وبدافع الإنسانية وبعيداً عن التشكيك بالنوايا، تسابقت الصفحات ووسائل الإعلام وحتى صحفيين في السويداء، لنشر الخبر الذي حصد تفاعلاً كبيراً، دون أي تحقق من صحة الحادثة، فالمجتمع اليوم يتوق لأي خبر يتحدث عن ظاهرة إيجابية، جراء الحوادث المؤسفة التي تعيشها المحافظة يومياً والبلاد بشكل عام.

وتم استغلال الحادثة من خلال إشاعة أن المبلغ المفقود مخصص لإجراء عملية لطفل، وهذا ما يثير تعاطف أي شخص يقرأ الحادثة، وقد يدفعه للتبرع بشكل فوري، في مجتمع السويداء الذي لا زال معظم أفراده يحافظون على القيم النبيلة.

ومن خلال عملية البحث والتحقق التي أجرتها السويداء 24 بعد انتشار الخبر، التي يفترض على العاملين في الوسط الإعلامي بالدرجة الأولى اتباعها، حفاظاً على المصداقية وأخلاقيات المهنة، تبين لنا أن الحادثة لا تمت للواقع بصلة.

فقد أجرينا البحث عن حساب الفيس بوك، الذي ادعى أنه أضاع المبلغ، ويحمل اسم “صفاء العيسمي”، دخلنا إلى الحساب لنكتشف أنه تم تفعيله قبل يوم واحد، ولا يوجد تعليقات أو صور تثبت أن صاحب الحساب شخصية حقيقة.

واستمر البحث والتحقق من خلال تواصل السويداء 24، مع عدة أشخاص من آل “العيسمي” في المحافظة، وجميع من تواصلنا معهم أنكروا معرفتهم للحساب وأكدوا عدم سماعهم بأي حادثة مشابهة حصلت مع أحد أفراد العائلة أو أن أحد أفراد العائلة إضاع مبلغ مالي كبير مخصص لعملية طفل.

وتواصلنا أيضاً مع الناشط الذي كان أول من نشر رسالة الحساب التي تدعي فقدان المبلغ، وأكد لنا أنه نشر الرسالة من باب الغيرة وتفاجئ بعد نصف ساعة فقط بشخص يعلق ويدعي أنه عثر على المبلغ.

وأضاف أن ما أثار شكوكه هو أن الحساب الذي زعم فقدان المبلغ، رفض تقديم رقم جوال، وطلب منه أن يكون التواصل فقط عبر الفيس بوك، وما هي إلا ساعات معدودة حتى اختفى الحساب عن برنامج الفيس بوك، وتم إلغاء تفعيله.

وحاولنا أيضاً التواصل مع الشخص الذي ادعى العثور على المبلغ، من خلال حساب فيس بوك يحمل اسمه الصريح، لكنه لم يتجاوب مطلقاً، ونترك له باب الرد مفتوحاً ولن نتطرق لاسمه، فليست غايتنا التشهير أو الإحباط، إنما نسعى دائماً لنقل الحقيقة للمتابعين.

وهنا ننوه إلى المسؤولية التي تقع على عاتق الصحفيين ووسائل الإعلام، حيث تشكل الأخلاقيات المهنية الضمان لأعلام يحافظ على حقوق المواطن، ويساهم الالتزام بالمبادئ الأخلاقية المهنية الاعلامية في تنزيه مهنة الاعلام وتصحيحها من العيوب والمآخذ والاختلالات، والحفاظ على مستواها المهني المحترف والراقي.

ويعد الهدف الأبرز الذي ترتكز عليه المواثيق الأخلاقية لمهنة الاعلام هو ضمان أخبار صحيحة وحقيقية وكاملة لجمهور المواطنين، تتصف بالنزاهة وتضمن الحماية من أي تلاعب أو تدليس أو انحرافات مهنية.

ونود الإشارة أيضاً إلى أن محافظة السويداء شهدت بالفعل حالات حقيقية عثر فيها أشخاص على مبالغ كبيرة، وأعادوها إلى أصحابها، فالأمانة لا تزال موجودة في مجتمعنا، وليس من الضروري نشر الشائعات والأخبار المغلوطة لإثبات وجود هذه القيم، فتفاعل آلاف المتابعين مع الخبر والثناء عليه خير دليل على تمسك الناس بالقيم النبيلة.