أحداث السويداء: ذباب الكتروني انتشر كالنار في الهشيم

شهدت مجموعات التواصل الاجتماعي في السويداء، انتشار كم هائل من الشائعات، والأخبار المضللة، والتشهير، ولاقت رواجاً واسعاً، لتزامنها مع تطورات أمنية نادرة الحدوث.

الشائعات انتشرت في الفترة الماضية، كما تسري النار في الهشيم، في ظل الفضاء المفتوح الذي يوفره التطور التقني، فيكفي أن يحمل أي شخص جوالاً، لينشأ صفحة على الفيس بوك، وينشر ما يحلو له، دون أي ضوابط. ومع الدور السلبي الإعلام الرسمي في التعاطي مع الأحداث من خلال تجاهلها، أو تبني رواية السلطة، وضعف إمكانيات الإعلام البديل، وجملة من العوامل، كان المجال مفتوحاً أمام تدفق الأخبار المضللة، وتصاعد حدّة خطاب الكراهية.

وأخذت تلك الحسابات المزورة، شكل الذباب الإلكتروني، هو مصطلح حديث في عالم الإعلام الرقمي، يقصد به الحسابات الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، الموجهة من قبل مبرمجين متخصصين لشن حملات إعلامية ممنهجة ضد أشخاص أوكيانات أو دول. وكان للذباب الالكتروني فعلاً، دور سلبي خطير، في الأحداث التي شهدتها السويداء مؤخراً، وليس من السهل محاربته، والحد من انتشاره.

بين حسابات تقف وراءها جهات منظمة، تسعى لتضليل الرأي العام، وانتقال الاحتراب بين الجماعات المسلحة على الأرض، إلى مواقع التواصل الاجتماعي، حتى أن من له أي غايات شخصية، بدأ ينشر تدوينات من حسابات مزورة، يهاجم فيها خصومه، ويشوه سمعتهم. فالمخاطر التي يواجهها المجتمع الأهلي في المحافظة، صنعت مطيّة وخصوبة لدى الطامعين ومستغلي أوضاع الفوضى، أن يمتطوا الجدران الالكترونية ويسعوا لنشر الفتن والشائعات.

ومن الأمثلة على تلك الحسابات، مجموعة تحمل اسم أخبار السويداء، روادها أكثر من 80 ألف شخص، يستطيع أي عضو فيها النشر، ولا يوجد أي رقابة من المشرفين عليها، ما يتيح لأي حساب مزور، استهداف أي شخص، أو نشر أي معلومة مضللة، وهذا ما ساهم في تعزيز في انتشار الشائعات بشكل كبير.

التحريض لم يقتصر عند مجريات التطورات الأمنية، بل حتّى غايات فرديّة للحاق الأذى بأشخاص ومجموعات، فضلاً عن نظريّة التخوين والمؤامرة لشق صفّ الأهالي. في حين تداعى ناشطون، لإطلاق مبادرة على مواقع التواصل الاجتماعي، للتنبيه من مخاطر الحسابات المزورة، لكن تلك المبادرة افتقدت لآليات محاربة التضليل والتحريض، لضعف الإمكانيات.

خطاب الكراهية حين ينغمس بالأحداث العامة، ويرتدي الأقنعة المزوّرة، يصبح تكويناً متعدد المقاعد، يجلس عليه أصحاب الغايات، وتحكمه أدوات الأجندات المخفيّة، ومع سعي الفئات الواسعة من المجتمع، إن كانوا أفراد أو منظّمات أو غيرهم، يبقى الوعي الفردي هو المفصل، والحربة التي تقاتل فيها المجتمعات، منعاً لتضليلها أو تشّتيت مواقفها.