كيف حولت الحكومة المساعدات الإنسانية إلى قروض في السويداء !

يعتمد معظم المدنيين في محافظة السويداء على استصدار القروض التي تمنحها المصارف الحكومية في تحسين أوضاعهم المعيشية قليلاً، على الرغم من الفوائد المترتبة على هذه القروض، والتي تصل إلى ما يناهز مئة بالمئة في بعض الأحيان كما هو الحال في قرض “التكافل”.

ومع اندلاع الاحتجاجات المناهضة للحكم في سوريا عام 2011 توقفت معظم البنوك عن منح القروض إلا للحالات الطارئة فقط، وذلك نتيجة العجز المادي الذي عانت منه الحكومة بسبب تسخير كافة إمكاناتها المادية للتسليح.

ونتيجة لهذا العجز أقيمت العديد من المشاريع الصغيرة التي تمنح قروضاً محدودة جلها دون فوائد، بغية تخفيف الضغط عن الحكومة المنهكة من جهة، ولسرقة أموال المساعدات المقدمة من المنظمات العالمية وتقديمها للشعب على شكل قروض، مستغلين عدم دراية الكثير من المدنيين بمصدر أموال تلك الصناديق، وعلى رأسها صندوق “الأمانة العامة للتنمية في السويداء”.

تدويرٌ للمساعدات الإنسانية

أفاد “معتز عقيل”، مهتم بالشأن الاقتصادي، بأن الأمانة العامة للتنمية عملت في بادئ الأمر على توزيع المساعدات الغذائية على بعض الأسر الفقيرة عبر فريق عمل جله من المنتمين لحزب البعث، وركز هذا الفريق كل نشاطه على اختراق بلدات ريف درعا الشرقي المحررة عبر توزيع الحصص الغذائية والصحية أيضاً.

وأضاف “عقيل” في حديث لـ “اقتصاد”: “أطلقت الأمانة العامة اسم (مشروعي) على قروض التمويل الصغيرة الممنوحة للأهالي في محافظة السويداء، وقامت من خلال هذا المشروع بتبيض أموال المساعدات وتدويرها، وذلك لأن تلك المساعدات كان ينبغي أن تصل للمحتاجين بشكل مجاني، إلا أنها وصلت عن طريق الأمانة العامة على شكل قروض صغيرة تسترد في مدة زمنية محددة”.

وتابع: “ينتشر في محافظة السويداء (117) صندوق تنمية بأماكن مختلفة من المدينة وريفها”، مشيراً إلى أن هذه الصناديق يشرف عليها أعضاء من الفرق الحزبية في مناطق انتشارها”.

وكشف “عقيل” أن هذه الصناديق “وزعت ومنذ عام 2012 ولغاية الآن (800) مليون ليرة سورية على الأهالي بقروض صغيرة دون فوائد، وتتراوح قيمة القرض ما بين (50/300) ألف ليرة سورية بمدة سداد تتراوح من سنة واحدة لغاية ثلاث سنوات”.

وأردف، نقلاً عن بعض الأهالي المستفيدين من هذه القروض، بأن “هذه المبالغ لا تكفي لأن تقيم أي مشروع إنتاجي يساعد الأهالي بل على العكس كانت عبئاً على الكثيرين وخصوصاً لأن معظم الأهالي أخذت هذه القروض كونها دون فائدة على خلاف القروض من المصارف التابعة للحكومة، وقاموا بالتصرف بها دون إقامة أي مشروع”.

استجرار الأموال عبر الدعاية

قال “غسان أبو عواد”، محام من السويداء: “اعتمد القائمون على هذه الصناديق عبر ندوات وجلسات محلية على تبيض صورة النظام، والأمانة العامة للتنمية، وزوجة الرئيس (أسماء الأسد) والتركيز على أهمية هذه الصناديق والقروض الصغيرة الممنوحة من قبلهم، وتوجهوا بعد ذلك لفتح باب التبرع من المغتربين والقادرين مادياً على تقديم المساعدات لهذه الصناديق”.

وأكد “أبو عواد” لـ “اقتصاد”: “حصلت صناديق التنمية في المحافظة منذ عام (2012) على تبرعات مالية من مغتربين وجمعيات وأموال من الوقف الديني، وقدرت قيمة المبلغ الذي حصلت عليه (138) مليون ليرة سورية”.

وأضاف “أبو عواد”: “تأسس في مدينة شهبا وحدها صندوق تنمية برأس مال قدره (4) ملايين مقدمة من الأمانة العامة للتنمية ليصبح حالياً رأس مال الصندوق (17) مليون ليرة سورية، أي بزيادة (13) مليون ليرة، مقدمة كتبرعات من بعض المغتربين ومبلغ (5) ملايين ليرة سورية تبرع من وقف مدينة شهبا”.

زيادة سنوية على رأس المال

يزداد رأس مال صناديق التنمية بقيمة (20) مليون ليرة سورية سنوياً تقريباً، وهذه الأموال تبقى مملوكة للأمانة السورية للتنمية، بالإضافة للمبالغ التي تأتي على الدوام من المتبرعين إن كانوا منظمات، أو متبرعين محليين وفقاً لمصدر خاص.

وقال المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه لـ “اقتصاد”: “إن القروض التي تمنحها هذه الصناديق أضعفت القروض من البنوك الرسمية بشكل كبير، لاسيما خلال فترة توقف تلك البنوك عن منح أي قرض لأي مواطن حتى وإن كان موظفاً في إحدى الدوائر الحكومية”.

ولفت المصدر إلى أن “هذه الصناديق على خلاف القروض الممنوحة من باقي البنوك، والتي تحتاج لكفيل موظف في إحدى دوائر الحكومة الرسمية تمنح القروض بالاستغناء عن شرط الكفيل بضمان الهوية وسندات الأمانة، الأمر الذي دفع آلاف المدنيين لاسيما العمال لاستصدار تلك القروض، وذلك نظراً لعدم درايتهم بأن تلك القروض هي مساعدات وتبرعات”.

المصدر: اقتصاد.