بخسائر تقدر بمئات الملايين، وخطر يواجه منظومة الكهرباء بشكل كامل في محافظة السويداء، تفاقمت في الآونة الأخيرة التعدّيات على الشبكة الكهربائية، ولم تعد تقتصر على الأكبال، فحتى الأبراج الهوائية لا تسلم من السرقات.
على مسافة تمتد لعدة كيلو مترات، في ريف السويداء الغربي، وصلت كاميرتنا لترصد الواقع في تلك المنطقة، بعد معلومات وردتنا عن تعديات كبيرة تطال خطوط الكهرباء في المنطقة. الصور أكثر تعبيراً عن الواقع، أبراج حديدة منهارة ومفككة، وأكبال التوتر اختفت من المكان.
من مقابر كناكر باتجاه المزرعة وسميع، تشير مصادر السويداء 24، إلى أن أكبال التوتر لما يعرف بالخط 66 المغذي لآبار الثعلة، تعرضت في الأشهر القليلة الماضية لعمليات سرقة ممنهجة، كان لها آثرٌ على تغذية الآبار في المنطقة بالتيار الكهربائي، وطالت حتى الأبراج الهوائية.
خط كهرباء دمشق الكوم لوحده، سُرق منه قرابة 40 كيلو متر من الأكبال، خلال هذا العام، بعد خروجه عن الخدمة نتيجة انهيار الأبراج في الشتاء الماضي، حيث باتت المحافظة تعتمد على الخط البديل القادم من الشيخ مسكين في درعا، الذي إن حدث له أي عطل طارئ، فإن المحافظة ستصبح بلا كهرباء إلى حين إصلاحه.
كذلك الخط العسكري الممدد تحت الأرض، والمغذي لكتيبة الرادار في ريف السويداء الغربي، طالته التعديات، بعدما نبش اللصوص الكابل من تحت الأرض، وعملوا على تقطيعه وتخريبه.
عصابات منظمة لسرقة خطوط الكهرباء
المكان الذي وصلت له كاميرتنا، لا تجرؤ الجهات الأمنية والمعنية على الوصول له، لكشف حجم التعديات على خطوط الكهرباء، حيث تشير مصادر أمنية إلى وقوف عصابات منظمة وراء هذه التعديات.
وبحسب المصادر لا تتوانى هذه العصابات عن استخدام السلاح في حال توجهت دوريات او حتى ورشات تقييم أضرار إلى المنطقة.
وتنقسم مهام العصابات، بين أفراد للمراقبة، وآخرين متخصصين بقطع الأكبال، ثم تذويبها واستخلاص النحاس منها، ومن بعد ذلك، بيع النحاس لأشخاص محددين، يحتكرون هذه التجارة غير المشروعة.
والملفت، أن اولئك المعتمدين، يبيعون النحاس حصراً إلى مندوبين يتبعون للفرقة الرابعة في دمشق، التي تحتكر عملية شراء النحاس. وبالتالي نحن أمام مشكلة مركبة، تبدأ بانتشار عصابات لا رادع لها، وتنتهي عند جهة سلطوية تغذي هذه التجارة، وتحتكرها.
البنية التحتية في خطر
أكد مطلع على واقع الكهرباء في محافظة السويداء، أن البنية التحتية لمنظومة الكهرباء تواجه خطراً حقيقياً، مع استمرار التعديات على الشبكة. وحذر من مخاطر تطور السرقات لتطال الأبراج الهوائية، التي تعد ناقلة للمحطات، وتستخدم للتغذية الرئيسية أو للتغذية الفرعية، لافتاً إلى أن حجم الخسائر خلال السنوات الماضية يقدر بمئات الملايين.
كما أشار إلى ان اللصوص المعروفين للمجتمع الأهلي وللجهات المعنية على حد سواء، ينفذّون تعديات على منظومة متكاملة، فمحطة سميع على سبيل المثال، تأخذ أبراج تغذية من محطة الكوم الرئيسية أو السويداء، ومنها مخارج على شكل أبراج لتغذية المحولات التي تغذي السكان والمنشآت.
المصدر أضاف: الدولة اليوم موجودة شكلياً، والسؤال عن دورها لا إجابة عليه، ولكن المجتمع الاهلي ولا سيما الجهات الفاعلة، من مرجعيات وفصائل مسلحة، لا بد أن يأخذوا هذه القضية على محمل الجد، فنحن أمام سرقة كبيرة للمال العام، “قد تجعلنا نترحم على بعض ساعات الكهرباء التي تصلنا يومياً”.
ولا بد من الإشارة إلى أن السويداء 24 وثقت وفاة شخصين منذ عام 2020، في حادثتين منفصلتين، أثناء محاولتهما التعدي على منظومة الكهرباء، نتيجة صعقات كهربائية، فضلاً عن إصابة عدة أشخاص. كل ذلك، والضرر الكبير الذي يطال عموم المواطنين من هذه التعديات، لا بدّ من البحث عن حلول واقعية له.