الأمن العسكري في السويداء و”بازار” تسوية الأوضاع

منذ بداية الحراك السلمي في السويداء، أصدر فرع المخابرات العسكرية 265 في المنطقة الجنوبية، إذاعات بحث ونشرات استدعاء بحق عشرات الناشطين والمشاركين في المظاهرات.

الملفت أن الفرع فتح بازاراً للراغبين بتسوية أوضاعهم وشطب اسماءهم من إذاعات البحث، وفق شهادات عديدة حصلت عليها السويداء 24، من أشخاص دفعوا المال لوسطاء، وآخرين رفضوا الخضوع لابتزاز الفرع، وفضلوا البقاء في سجلات المطلوبين للأمن العسكري.

وفي التفاصيل، أفاد أحد الناشطين المشاركين في الحراك السلمي للسويداء 24، أنه اكتشف تعميم اسمه في مذكرة بحث لصالح الفرع 265، قبل حوالي الشهرين، خلال قيامه ببعض الإجراءات القانونية.

يضيف الناشط الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن وسيطاً مدنياً على صلة بالفرع، طلب منه دفع 5 ملايين ليرة سورية، مقابل شطب إذاعة البحث الصادرة بحقه.

هذه الشهادة، دفعت السويداء 24 للتحقيق أكثر إن كانت الحالة فردية أو عامة. لتؤكد العديد من شهادات الناشطين، وآخرين شاركوا لفترة محدودة بالحراك السلمي، أنهم تعرضوا للابتزاز وطُلب منهم عبر وسطاء -بعضهم يتبعون لنفس الفرع- دفع مبالغ مالية تتراوح بين 4-6 مليون ليرة سورية، مقابل إزالة التعميمات ضدهم.

وحصلت السويداء 24 على تسجيل صوتي تتحفظ على نشره، حفاظاً على سلامة المصدر، لحوارٍ دار بين وسيط يتبع لفرع الأمن العسكري، وبين أحد المواطنين. وكان الوسيط يقول إن هذا المبلغ سيتم دفعه لمعاون رئيس الفرع 265، العميد حسين ديوب.

ومنذ ابريل/نيسان الماضي 2023، يتولى العميد حسين ديوب مهام فرع الأمن العسكري في السويداء، ويعدّ معاوناً لرئيس الفرع المسؤول عن المنطقة الجنوبية، العميد لؤي العلي.

وعلمت السويداء 24 أن بعض الاشخاص أجروا تسوية مع الفرع دون الحاجة إلى دفع المبالغ المطلوبة، وذلك من خلال وساطة شخصيات محلية متنفذة تربطها علاقات بفرع الأمن العسكري.

ولا توجد إحصاءات دقيقة لأعداد من أجروا التسوية عبر الوساطة ودفع المال، أو من رفض هذا الإجراء.

يذكر أن الاعتقالات بحق الناشطين السياسيين والمعارضين في محافظة السويداء، مجمدة منذ عدة سنوات، إلّا في حالات نادرة. ورغم ذلك، لدى السلطات الأمنية مروحة من الخيارات، مثل إذاعات البحث،  وفصل الموظفين، ومنع السفر.

وتؤدي هذه الإجراءات التعسفية إلى التضييق على المواطنين، ويصبح الخروج من محافظة السويداء للشخص المطلوب، أو السفر خارج سوريا، غير ممكن ويعرض صاحبه للاعتقال، ناهيك عن عدم القدرة على إجراء العديد من المعاملات لدى دوائر الدولة.

وبجميع الأحوال، لا يبدو الإقبال كبيراً على إجراء هذا النوع من التسويات، مع سلطات تنتهك القانون أصلاً بإصدار إذاعات البحث على خلفية نشاط سياسي أو مدني، وليس جديداً هذا الحال على تلك السلطات. قد يكون الجديد فقط، هو ارتفاع تسعيرة التسوية من 200 ألف ليرة قبل أربع سنوات، إلى 5 ملايين ليرة سورية !