من فلاح مُعدم.. إلى أشهر إعلاميي العالم العربي

هي المرة الأولى التي نشاهد فيها الإعلامي فيصل القاسم، ابن محافظة السويداء، ضيفاً على الشاشة، ليحكي قصة حياته المثيرة، ويكشف عن تقلبات نقلته من الفقر المدقع، والقهر، والظلم، إلى إعلامي حفر اسمه وأسلوبه لدى الملايين.

القاسم، مقدم الاتجاه المعاكس على قناة الجزيرة، البرنامج الذي فاق عمره 27 عاماً، وما زال يثير الجدل في العالم العربي، ظهر يوم الأمس في لقاء مطول ضمن حلقة بودكاست برنامج أثير، ليسرد تفاصيل نشأته ومسيرته، التي كانت بدايتها في أسرة شديدة الفقر، تتحدر من بلدة الثعلة بالريف الغربي للسويداء.

أكثر من ثلاث ساعات، بقي القاسم فيها يتحدث عن حياته، ولا يساوره أي خجلٍ في ذكر الظروف القاسية والمريرة التي عانى منها. يقول القاسم إنه كان من عائلة تعد من أفقر العائلات في الجنوب السوري، وممن يطلق عليهم لقب “المرابعين”، أي الفلاحين الذين يعملون في أراض زراعية لا يملكونها، لقاء أجر بالكاد يكفي لتغطية بعض النفقات.

يحكي ابو أصيل، كيف كان عرضة للتنمر على لباسه وشكله في المدارس، وكم مرة عاد سيراً على الاقدام من مدرسته في مدينة السويداء إلى بيته في قرية الثعلة (10 كم)، حتى يوفر أجار الباص، الذي لا تتجاوز قيمته حينها ربع ليرة سورية.

تحدث القاسم عن قصته مع ساحة الكرامة في وسط مدينة السويداء، التي كانت تحمل اسم ساحة السير سابقاً، وهي مركز المظاهرات الشعبية المطالبة بالحرية والتغيير السياسي منذ عدة أشهر. كان يقف فيها ليعرض نفسه للعمل، في فترة المراهقة، وبدا متأثراً في الحديث عن هذه المرحلة، قبل أن يقول: انتقمت من هذه الساحة عندما رفعت فيها صوري في المظاهرات الأخيرة.

وبعدما فشل في الانضمام إلى الكلية الجوية، والتمريض العسكري، والمدني، حيث كان والده يحاول إبعاده عن الدراسة والبحث عن وظيفة عند انتهاءه من الدراسة الإعدادية؛ انتقل إلى دراسة الثانوية، وحقق المرتبة الأولى على قريته في الثالث الثانوي.

انتقل القاسم إلى جامعة دمشق، قسم الأدب الإنكليزي، وبعد سنوات من الدراسة حقق فيها المرتبة الأولى على دفعته، حصل على بعثة دراسية إلى بريطانيا. وفي سهرة لرأس السنة هناك دعاه لها أحد أصدقائه، مع موظفي هيئة الإذاعة البريطانية BBC، نال إعجاب مدير أحد الأقسام، ليحصل على أول فرصة عمل مع أشهر إذاعة في العالم.

سنوات من العمل والاجتهاد والنجاح، لم يكن القاسم فيها واثقاً أنه مناسب للعمل التلفزيوني، كما أكد عدة مرات خلال اللقاء، لكن “الأقدار ومشيئة الله” قادته أخيراً إلى الدوحة في قطر، ليطلق برنامج الاتجاه المعاكس، عبر قناة الجزيرة، ويلمع اسمه واسم برنامجه في العالم العربي.

تفاصيل كثيرة ومشوقة، وحديث طويل للقاسم في هذه المقابلة، يصعب تلخيصه في مقال واحد، إلّا أنه كان مهتماً بتوجيه رسائله إلى الشباب، وللأجيال الصاعدة، بأن لا يتركوا مكاناً لليأس، فلا بد أن تعطي الحياة فرصاً للمثابرين، والحالمين بواقع أفضل..